للاشتراك في المدّونة، لطفاً ضع عنوانك الالكتروني هنا

الخميس، 6 سبتمبر 2012

عرض لكتاب بريجينسكي: أميركا أمام خطر "الأفول الكبير"


عرض لكتاب بريجنسكي الجديد: "رؤية استراتيجية"
أميركا أمام مخاطر "الأفول الكبير"
- I -
أدق وأوضح توصيف للوضع العالمي الراهن، وما قد يحمله المستقبل القريب (نحو العام 2025) من تغييرات جذرية في بنية النظام الدولي، جاء في كتاب مستشار الأمن القومي الأسبق زبغنيو بريجينسكي الأخير "رؤية استراتيجية: أميركا وأزمة القوة العالمية" (* ).


هو الأدق، لأنه يعرض بشجاعة مخاطر انحدار وأفول الولايات المتحدة كقوة عظمى، وحتى احتمال سيرها على خطى الاتحاد السوفييتي في لحظات نزعه الأخيرة، ما لم تُقدِم على إصلاحات جذرية اقتصادية ومالية وسياسية وثقافية سريعة. وهو الأوضح لأنه يرسم لوحة دقيقة لتوزُّع السلطة العالمية سواء في مرحلة الانحدار الأميركي أو في حال نجحت أميركا في إعادة بناء نفسها من جديد في الداخل والخارج.
سنعرض أهم ما جاء في هذا الكتاب القيّم على أربع حلقات.
الحلقة الأولى، ستتضمن مخاطر انحدار وأفول الولايات المتحدة، وكيفية تجنيبها تجرُّع الكأس التاريخي المر، الخاص بصعود وسقوط القوى العظمى.
الحلقة الثانية، ستتطرق إلى كيفية توزيع السلطة العالمية من الآن وحتى العام 2025، بين القوى القديمة في الغرب والقوى الجديدة الصاعدة في الشرق (الأقصى بالطبع!).
الحلقة الثالثة، سنتناول فيها موقع الشرق الأوسط الكبير، الذي يضم إلى المنطقة العربية وإيران باكستان وأفغانستان وآسيا الوسطى، في إطار أعادة توزيع السلطة العالمية.
والحلقة الأخيرة، وبسبب الأهمية القصوى لمنطقة الخليج النفطي والجغرافي في عنق قارة أوراسيا، ستُخصَّص لرؤية بريجينسكي لمستقبل هذه المنطقة، مضافاً إليها بعض الأفكار الخاصة حول ذلك من جانب كاتب هذه السطور.
فلننطلق معاً في الحلقة الأولى.

- II -
يبدأ بريجينسكي حديثه عن مخاطر أنحدار وأفول القوة العظمى الأميركية بتصريح خطير (صفحة 4): "الواقع أن ثمة تشابهات مُقلِقة بين الاتحاد السوفيييتي في السنوات التي سبقت مباشرة سقوطه وتهاويه، وبين أميركا في أوائل القرن الحادي والعشرين: نظام حكومي يزداد عجزاً بشكل مطرد وغير قادر على القيام بإعادة نظر جدِّية في مشاكله، ما أدى في نهاية المطاف إلى إفلاسه، خاصة بعد أن ألزم نفسه بإنفاق عسكري ضخم وتدخلات خارجية عسكرية باهظة التكلفة. هذا فضلاً عن أزمات اقتصادية ومالية متتالية، وتدهور في نوعية حياة المجتمع؛ واتساع كبير في الهوة بين الأغنياء والفقراء؛ وعزلة دولية متنامية".
أميركا الآن تعاني من هذه الأمراض السوفييتية نفسها. أول إشارة إلى هذا الوهن الداخلي كان الكساد الكبير الذي ضربها في ثلاثينيات القرن العشرين. ثم جاءت الأزمة المالية الطاحنة في 2008 و2009  لتهز بعنف ثقة أميركا بنفسها، وبالعدالة الاجتماعية فيها وبأخلاقيات العمل في النظام الأميركي؛ ولتهز أيضاً ثقة العالم بقدرتها على مواصلة تبوؤ الزعامة الاقتصادية العالمية.
يحدد الكاتب ستة نقاط ضعف قاتلة في النظام الأميركي:  الديون القومية الفلكية والمتفاقمة، التي تكشف أميركا أمام أهم دائن لها وهي الصين، وتقوّض جاذبية اقتصادها كنموذج يُحتذى في العالم؛ النظام المالي المتعثّر الذي قلب الاقتصاد الأميركي من اقتصاد انتاجي إلى كازينو مضاربات مالية خطرة؛ الفجوة الهائلة بين الفقراء  والأغنياء( 1% من الأميركيين يملكون 33،8 % من إجمالي الثروة القومية الأميركية)؛ تآكل البنية التحتية، إلى درجة باتت معها الصين متفوّقة على أميركا في مجال تحديث هذه البنى؛ الجهل المطبق للشعب الأميركي بالعالم ومايجري فيه، وهذا يعود جزئياً إلى خلل النظام التعليمي؛ ثم أخيراً شلل النظام السياسي الحزبي الأميركي وسقوطه بين براثن مجموعات الضغط المختلفة وحيتان المال.

- III -
في المقابل، يرى الكاتب أن أميركا لاتزال تمتلك عناصر قوة عدة تمكّنها من النهوض من كبوة الانحدار المحتملة وهي: الاقتصاد الأميركي لايزال الأول والأقوى في العالم؛ قدرات التجديد والابتكار الهائلة في المجتمع الأميركي؛ ديناميكيات الديمغرافيا التي تصب لصالح أميركا (على عكس أوروبا وروسيا)؛ الحراك الاجتماعي؛ القاعدة الجغرافية المريحة حيث لاتوجد قوة أو قوى يمكن ان تهدد الولايات المتحدة؛ وجاذبية القيم والديمقراطية فيها.
ويحذر بريجنسكي من أنه مالم تُغلٍّب أميركا نقاط القوة فيها على نقاط الضعف، فإنها سائرة لامحالة على الطريق نفسه الذي سبقها إليه الاتحاد السوفييتي: الهاوية. وهذا يمكن أن يحدث في شكل أزمة مالية كبرى جديدة تقود إلى الكساد الشامل وإلى أفول النفوذ الأميركي في العالم (وهو أسوأ السيناريوهات- صفحة 72).
ماذا الأن عن النقطة الثانية: التوزيع الجديد للسلطة العالمية؟
                                                                                    (غداً نتابع)
                                                                                         سعد


(*) Zbigniew Brezeninski: Strategic Vision- America and the crisis of global power.Basic books, New York 2012.208 pages.

هناك تعليق واحد:

  1. غير معرف6/9/12 12:19

    The sooner they go the Better. Their Abuse started since the end W W 2. Until now we are trying to coup with Bulling approach and unfair wars, Economics disasters as they are a Nation living expensively on the Cost of others, Resources, Happiness and Future

    ردحذف