للاشتراك في المدّونة، لطفاً ضع عنوانك الالكتروني هنا

الثلاثاء، 23 أكتوبر 2012

انقلابات عسكرية استراتيجية في سورية






على رغم التعقد الشديد للمشهد السوري، إلا أن ثمة معطيات تفيد أن البلاد يمكن أن تخرج من النفق المظلم، ربما عبر "جيش جديد" يتم اعداده الآن لتجنيب سورية مصيراً عراقياً أو أفغانياً.

- 1-
أين أصبحت حرب سورية بعد نيف و18 شهراً من القتال المتواصل، وما الاستراتيجيات التي يتبعها النظام والمعارضة المسلحة في المرحلة الحالية، وتلك التي يُرجَّح أن يتبعانها في المرحلة اللاحقة؟
هذا السؤال بات مهماً الآن لسببين:

مقاتلون سوريون بتدربون في تركيا (الصورة من غوغل

الأول، أنه ثبت أن المجلس الوطني السوري وبقية فصائل المعارضة المدنية السورية، بما في ذلك هيئة التنسيق الوطني في داخل البلاد، لاحول لها ولاقوة، وأنها باتت مُلحقة عملياً بالمعارضة المسلحة في الداخل.
والثاني، أن الجهود الدبلوماسية الإقليمية والدولية لمحاولة تسوية الأزمة ارتطمت بحائط مسدود، الأمر الذي جعل موازين القوى الداخلية هي الفيصل الحاسم في بت أمر هذه الأزمة. ومثل هذه الموازين هي الآن في قبضة القوات المسلحة لكل من النظام والمعارضة.
المدن أولاً
نبدأ أولاً باستراتيجية النظام.
تغيرَّت هذه الاستراتيجية إلى حد كبير في الأسابيع القليلة الماضية. فبعد أن كان هدف النظام المُعلن هو إخماد الانتفاضة بالقوة في كل مناطق سورية عبر زج الجيش والشبيحة (الميليشيات العلوية) في القتال، أصبح السيطرة على المدن الكبرى فقط: دمشق وحلب وحمص وحماه ودير الزور ودرعا.
أما المناطق الريفية، التي يبلغ حجمها 90 في المئة من مساحة سورية ( 185،180 كيلومتر مربع)، فهي إما تُركت بالكامل (كما حدث مع المناطق الكردية في الشمال، التي سلِّمها النظام إلى الأكراد الموالين لحزب العمال الكردستاني الذي يخوض حرباً ضد تركيا منذ عقود)، أو احتُفظ فيها بقواعد عسكرية يجري تموبنها عبر الجو بسبب سيطرة الثوار على الطرقات البرية.
وقد عمد النظام، بعد تغيير هذه الاستراتيجية، إلى استخدام سلاح الطيران بشكل كثيف. وهذا كان دلالة أخرى على أنه فقد الأمل بإمكانية إعادة السيطرة على المناطق الريفية الشاسعة. وهذا العجز ناجم عن واقع ديمغرافي- لوجستي: فالقوات العسكرية التي يزجها النظام في المعارك هي في الدرجة الأولى من الطائفة العلوية، ويقدّر عددها بما بين 60 إلى 80 ألفاً، من أصل 200 ألف جندي وضابط. فيما بقية القوات التي لم تنشق، وهي من الغالبية السنّية، "محجوزة " عملياً داخل ثكناتها خوفاً من انشقاقها في حال زُجّ بها في الحرب. وهذا ما أصاب القوات النظامية المقاتلة بالإرهاق وحدَّ من قدرتها على بسط سيطرتها على المناطق الريفية.
لكن هذا العجز لم يقتصر على الريف. إذ أثبتت كل من معركتي حلب وحمص أن قوات النظام لم تستطع إعادة السيطرة عليها على رغم القوات الكثيفة والأسلحة الثقيلة التي استخدمتها ضدها. فمع أن السلطات السورية أعلنت بعد احكام قبضتها على حي بابا عمرو في حمص في آذار/مارس الماضي، أن هذه المدينة، التي تشكِّل العمق الاستراتيجي للمناطق الساحلية العلوية (اللاذقية، طرطوس وجبال العلويين)، ستسقط كلها في يدها خلال أيام، إلا أن القتال لايزال مستمراً بعنف في العديد من أحيائها حتى الآن.
وفي حلب، كان النظام قال أنه حشد أكثر من 25 ألف جندي لإعادة السيطرة على المدينة التي اجتاحتها قوات الثوار، أساساً من "لواء التوحيد"، وتوقعت أن يتم ذلك خلال أسبوعين. لكنه يعترف الأن بأن معركة حلب ستكون طويلة.
وحتى في دمشق التي يبدو فيها تفوّق قوات النظام واضحا، لايمكن الحديث عن استقرار الأوضاع فيها. فإضافة إلى العمليات الانتحارية، تنشب بين الآونة والأخرى معارك مفاجئة في بعض أحيائها بسبب نجاح قوات الثوار في ريف المدينة في التسلل إليها.
على أي حال، الأرجح أن يواصل النظام استراتيجيته الراهنة لمحاولة السيطرة على المدن، لأن هذا هو الأمر الوحيد الذي يمكّنه من إدعاء الأمساك بشرعية الدولة السورية، حتى ولو فقد السيطرة على كل الريف.
لكن المثير هنا أن تركيز النظام على الشرعية، لم يمنعه من ممارسة سلوكيات تتناقض كلياً معها. وهذا تمثّل في إعادة تدريب ميليشيات الشبيحة، بمؤازرة الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني، لخوض حرب عصابات مضادة في الأرياف. ومثل هذه الازدواجية تؤشر إلى مدى تضعضع قدرة النظام على الضبط والقيادة والسيطرة في البلاد.
- II -
معارضة متعددة الرؤوس
هذا على صعيد استراتيجية النظام.
أما بالنسبة إلى قوى المعارضة المسلحة، فالصورة لاتقل تعقيدا.
صحيح أن هذه المعارضة حققت نجاحات لاريب فيها، لم تقتصر فقط على السيطرة على الأرياف والعديد من النقاط الحدودية منع تركيا والعراق، كما أنها تكاد تتمكن الآن من إقامة منطقة آمنة، كأمر واقع، في شمال سورية (إدلب وحلب وجبل الزاوية)، إلا أنها تعاني من الشرذمة الشديدة، إذ يقدّر أن هناك حالياً أكثر من 400 كتيبة مستقلة لاعلاقة لها بالجيش الحر إلا بالاسم.
هذه الكتائب بدأت تشبه إلى حد كبير الكتائب الليبية التي يرفض العديد منها الآن حل نفسه والاندماج بالدولة الجديدة، وهي لها مصادر دخلها الخاص من دول مختلفة، كما إديولوجيتها الخاصة.
الفصائل الرئيسة في هذه الكتائب :
- جبهة النصرة، وهي النجم الصاعد في الانتفاضة السورية، والمسؤولة عن معظم العمليات الانتحارية. وعلى رغم أن للجبهة روابط مع تنظيم القاعدة، إلا أنها سورية المنشأ والمنبت. ثم أنها تُزاوج بين الإديولوجيا السلفية المتصلبة وبين المرونة البراغماتية عبر العمل المشترك مع فصائل أخرى. وهذا مابدأ يعطيها وجوداً ونفوذاً في بعض أوساط المواطنين السوريين.
- وثمة منظمات سلفية شبيهة بجبهة النصرة، لكنها أقل منها نفوذاً ونشاطا، وهي فتح الإسلام، وكتائب عبد الله عزام، والقاعدة في العراق.
- وهناك منظمات تنتمي إلى الإسلام السياسي مثل "صقور الشام" وكتائب الأمة. أما كتائب "أحرار الشام" فهي تتأجح بين السلفية وبين تيار الإسلام السياسي.
- الجيش الحر، الذي يُحسب على الصف العلماني، ويضم المنشقين عن الجيش النظامي. وعلى رغم أن نفوذ هذا الجيش تضاءل في الآونة الأخيرة بفعل التعب والإرهاق والانشقاقات، وملأت جبهة النصرة وبقية الفصائل الإسلامية الفراغات التي تركها في بعض المناطق، إلا أنه يتوقع أن يشهد قفزة نوعية كبرى حين تنضم إليه (أو ينضم هو إلى ) قوات عسكرية منشقة عن الجيش النظامي يقدّر عديدها بنحو 20 ألف ضابط وجندي يجري تدريبهم على عجل في تركيا والأردن بإشراف خبراء أتراك وأميركيين وبريطانيين وفرنسيين.
هذه القوة الجديدة قد تكون هي نواة الجيش السوري الجديد ، ويمكن أن تتحوّل إلى مؤسسة كبرى في حال انضمت إليها الوحدات السنيّة في الجيش النظامي في حال بدأ النظام بالتهاوي. وهذا أمر تراهن عليه كل القوى الدولية والإقليمية المؤيدة للثورة السورية التي ترى في مثل هذا التطور المخرج الوحيد لمنع تكرار سيناريو التفكك والحروب الأهلية العراقي الذي نجم عن حل الجيش في ذلك البلد غداة الغزو الأميركي له.
وإذا ماعنت هذه المعطيات شيئاًـ فأنها تعني أن أطراف المعارضة المسلحة السورية، كل أطراف المعارضة، تقاتل الآن نظام بشار الأسد وعينها على القوى الأخرى التي ستنافسها على السيطرة على نظام مابعد بشار. وكما أشار تقرير أخير لفاينانشال تايمز (19-10-2012)، هذه الأطراف تستعد لـ"المجابهة" مع قوى المعارضة الأخرى بقدر استعدادتها الراهنة لقتال النظام حتى الرمق الأخير.

- III -
 اليد العليا
من ستكون له اليد العليا في هذه المعمعمة من الاستراتيجيات المتضاربة؟
الأرجح أن لواء النصر سيُعقد لنواة الجيش الجديد المفترض. فهو يحظى في الخارج بدعم كاسح من قوى دولية وإقليمية فاعلة للغاية. ولايستبعد أن ينتقل هذا الدعم بعد انتهاء الانتخابات الأميركية إلى تطبيقات عملانية من خلال قيام حلف الأطلسي بمنح المنطقة الآمنة المقامة كأمر واقع حالياً في شمال سورية غطاء جوياً ضمن مبدأ "لا سياقة، لاتحليق" (No drive, No fly ). كما أنه سيحظى بدعم شعبي واسع لأن غالبية السنَّة السوريين ينتمون إلى الصيغ المعتدلة من الإسلام.
وهذا ماقد يعطي الأمل بأن ثمة نوراً في نهاية هذا النفق السوري المظلم.

سعد




هناك تعليق واحد:

  1. غير معرف23/10/12 14:59

    يااااااا عمي صرعتونا بقصة العساكر المنشقة بالاردن وعم يدربوهم ومدري شو يا حبيب انا من العساكر المنشقة لافي تدريب ولافي تنظيم ولافي شي رواتب يا دوب كل كم شهر ليقدرو يأمنو من فاعلين الخير شي ولا تنسيقيات بالاردن عم تشتغل ولا مجلس وطني ولا شي

    ردحذف