للاشتراك في المدّونة، لطفاً ضع عنوانك الالكتروني هنا

السبت، 1 فبراير 2020

اليوم- غدا: رسالة مفتوحة إلى فخامة العزيز ترامب

اليوم- غدا: رسالة مفتوحة إلى فخامة العزيز ترامب: عزيزي فخامة رئيس الولايات المتحدة الأميركية دونالد ترامب اعتقد يا فخامة الرئيس أنك ارتكبت، من دون أن تدري على الأرجح، خطأ جسيماً في &...

رسالة مفتوحة إلى فخامة العزيز ترامب



عزيزي فخامة رئيس الولايات المتحدة الأميركية دونالد ترامب
اعتقد يا فخامة الرئيس أنك ارتكبت، من دون أن تدري على الأرجح، خطأ جسيماً في "صفقة القرن":
-       فأنت اسقطت بخطوتك هذه مفهوم حل الدولتين، الذي بدا لثلاثة عقود أنه الحل الممكن الوحيد للمسألة الفلسطينية المستحيلة. وهو كان كذلك بالفعل.
-       وأنت نزعت عن الفلسطينيين أي صفة سياسية أو حتى إنسانية: فلا هم مواطنون في دولة ذات سيادة، ولا هم بشر متساوون مع باقي الجنس البشري في مجالات الوجود والحقوق والمشاعر.
-       وأنت قوّضت كل/وأي أساس للقانون الدولي وقراراته وموجباته، وأعدت عقارب الساعة إلى القرون الوسطى الأوروبية، حين كانت القوة هي الصانع الوحيد للحق، وحين كان الضمير يُداس كالعشب تحت أرجل الفيلة الهائجة.
لقد فعلت كل ذلك يا فخامة الرئيس. لكن مع ذلك ليس هذا هو خطأك الأكبر. هذا الخطأ يكمن في مكان ربما لم، ولن، يخطر على بالك ولا على بال معظم يهود إسرائيل، وهو: سوء تعريف وتحديد ماذا يعني تعبير "فلسطيني"، ومن هو هذا "الفلسطيني".
لقد اعتقدت أنت وأنصارك اليهود والمسيحيين الإنجيليين وبعض العرب (من أسف) أن الفلسطيني هو ذلك الذي يحمل بطاقة هوية فلسطينية، في بقعة جغرافية محددة كان اسمها قبل 1947 فلسطين. أو أنه ذلك اللاجيء في البلدان العربية الذي توجب صفقة القرن الآن توطينه حيث هو إسقاط السمة الفلسطينية عنه ولو كانت تحمل عبارة لاجيء. ثم: وبعد ضم نحو 40 في المئة من الضفة الغربية إلى إسرائيل وانتفاء أي أساس لإقامة دولة فلسطينية، ظننت أنه لن يكون لإطلاق نعت الفلسطيني على الشراذم الممزّقة في فلسطين 1967 أي معنى بعد.
هدفك الرئيس، إذا، كان في العمق شطب تعبير فلسطيني من كل القواميس، كما تم شطبتم أنتم الغربيون في السابق حضارات ثقافات المايا والأنكا والهنود الحمر في القارة الأميركية. وهذا الهدف هو ما أكّده بوضوح قبل أيام الكاتب الأميركي ديفيد اغناتيوس(واشنطن بوست) ، حين دعا الفلسطينيين ضمناً إلى الاعتراف بالهزيمة.. وبمصير الهنود الحمر.
أين الخطأ يا فخامة الرئيس في هذه المقاربة التي تبدو لك واقعية للغاية، وتنبع من حقائق موازين القوى، وربما أيضاً من معطيات نفض  اليد الرسمية من فلسطين في بعض الدول العربية؟
إنه يكمن بالتحديد في تعريف من هو الفلسطيني".
فعقلكم الأميركي والعقل اليهودي الإسرائيلي لا يستطيع أن يتصوّر، أو حتى يتخيّل، أن كل إنسان عربي، سواء مسلم أو مسيحي، شيعي أو سنّي، أصولي أو علماني، يحمل في تضاعيف جينات شخصيته الهوية الفلسطينية بكل تجلياتها الحضارية والثقافية وحتى الوطنية. وكذا الأمر تماماً لدى مليار مسلم من أقاصي الجزر الإندونيسية إلى أعالي الهضبة التركية- الإيرانية، وصولاً إلى قلب الهند وأطراف الصين.
الأمر هنا لا يتعلّق بقدسية القدس وحدها، على رغم دورها الإديولوجي الحاسم في المخيلة العربية والإسلامية، بل هو يتّصل مباشرة بمأساة فلسطين التي تقتحم أعمق أعماق التوازنات النفسية لمليار ونصف مليار إنسان، فتخلخل أسس هويتهم وتغرس فيها جرحاً عميقاً لا يندمل.
حين كان صلاح الدين الأيوبي يمتطي حصانه متوجّهاً نحو القدس بعد استسلام الصليبيين فيها، سأله أحد القادة الصليبيين الأسرى: "ماذا تعني لك القدس". رد صلاح الدين وهو يستكمل سيره: "لا شيء". ثم توقف والتفت إلى الوراء وقال له:" كل شيء".
ضع كلمة فلسطين مكان كلمة القدس، تعرف فوراً  يا فخامة الرئيس لماذا كلٌ من هؤلاء المليار ونصف المليار يعتبر نفسه فلسطيينيا، ولماذا يعتبر فلسطين "كل شيء" . فهي بالنسبة له هذا الجزء من صورة الهولوغرام اللايزري التي مهما قطعتها وشتتتها، يبقى كل جزء منها عاكساً لكل الصورة كاملة.
فلسطين هي هذا الجزء وذاك الكل في آن.
وبالتالي، أنا فلسطيني هنا، تعني أنا موجود، حضارة وثقافة وهوية. ولا فلسطين، تعني اللاوجود، أو على الأقل اللاتوازن، والخلل، والنزوع إلى النحر والانتحار.
* * *
تستطيع يا فخامة الرئيس أنت ودولة الرئيس نتنياهو سفح ما تشاؤون من زجاجات الشمبانيا، احتفاء باستكمال السيطرة على ما تبقى من أراضي فلسطين، وبقرب ما تعتبرانه نزع جلد فلسطينيي فلسطين عن ثدي أرضهم ونسغ زيتونتهم.
لكن ننصحهم بإعادة قراءة شيء من التاريخ. وإذا ما فعلتم، ستجدون أن الصليبيين ظنوا قبل ألف عام مثلكم أنهم تخلّصوا هم أيضاً من الفلسطينيين وهجّروهم إلى الأبد، بعد أن سيطروا على كامل هذه الأرض طيلة 200 عام. لكنهم اكتشفوا لاحقاً أن حضارة بأسرها عمرها 1400 سنة أعلنت بشكل مجلجل أنها فلسطينية بقضها وقضيضها، وان الجنود الذين جاءوا من أصقاع قارة أوراسيا- إفريقيا كانوا يعتبرون أنفسهم "وطنيين فلسطينيين".
صعب عليك أن تصدّق ذلك يا فخامة الرئيس. لكن، هذه هي الحقيقة. وهذه ستبقى الحقيقة كما كانت في الماضي، وكما هي في الحاضر، وكما ستكون في المستقبل.
أخيراً، نصيحة خاصة لك يلا صاحب الفخامة. وهي ليست منا، بل من أحد كبار منظريكم ومفكريكم زبغننيو بريجنكسي.
 يقول في كتابه الأخير قبل رحيله "رؤية استراتيجية" :
" فشل الولايات المتحدة في تحقيق سلام عادل بين الفلسطينيين والإسرائيليين، هو أحد ثلاثة أخطار كبرى نواجهها (الخطران الآخران سيطرة الأصوليين على باكستان النووية والحرب مع إيران)، الأمر الذي سيولّد عداء شعبياً أعتى ضد أميركا في الشرق الأوسط الذي يشهد يقظة سياسية... وفي حال اصطدمت الولايات المتحدة بسبب ذلك بالعالم الإسلامي، فإن ذلك سيضعضع للغاية زعامتها العالمية".
حسنا. التسوية العادلة تبخّرت بصفقة قرنكم هباء منثورا، ولم يبق الآن سوى تحقّق نبوءة بريجنسكي حول الاصطدام بالعالم الإسلامي. وهذا العالم يا فخامة الرئيس يقول الآن كل فرد من أفراده المليار ونصف المليار: أنا فلسطيني.
هل تسمعهم؟
كلا؟
إذن، انتظر قليلا.
                                                                      سعد محيو

الثلاثاء، 29 أكتوبر 2019

حشيش الطائفية



يا شباب انتبهوا. عم يطعمونا حشيش. حشيش الطائفية( بالاذن من لاري جاسون)______
تحية إلى شعب لبنان المنتفض على الوباء الطائفي
سعد محيو

الاثنين، 29 يوليو 2019

اليوم- غدا: أخرجونا، رجاء من غرفة الأشباح المظلمة

اليوم- غدا: أخرجونا، رجاء من غرفة الأشباح المظلمة: -      -    I سعد محيو أقل ما يمكن أن يوصف به وضع إقليم المشرق المتوسطي في هذه الايام، هو أنه بمثابة غرفة مُظلمة تزدحم بكل أنوا...

أخرجونا، رجاء من غرفة الأشباح المظلمة





-     -   I
سعد محيو
أقل ما يمكن أن يوصف به وضع إقليم المشرق المتوسطي في هذه الايام، هو أنه بمثابة غرفة مُظلمة تزدحم بكل أنواع الأشباح، وتصطرع فيها شتى الخيالات المريضة  أو المُخترعة.
الاشباح لها أسماء بالطبع: الولايات المتحدة، وإسرائيل، وبعض الدول العربية والأوروبية، والصين وروسيا، وحتى الهند واليابان. كلٌ من هؤلاء يحمل تصوراً لما يريد أن ينجزه في هذه المنطقة، او عبرها في العلاقات الدولية.
واشنطن، مثلاً، تريد أن تحوّل الخنق الاقتصادي الكامل لإيران، إلى هراوة لإخافة الصين وحملها على الاستسلام لشروطها التجارية. تريد أيضاً بث الرعب في قلوب باقي الحلفاء من الاتحاد الأوروبي واليابان وصولاً إلى الحليف الأطلسي تركيا، وتمديد عمر نظامها العالمي الذي تأسس بعيد الحرب العالمية الثانية ويكاد يلفظ أنفاسه الآن. اما الغطاء الذي تستخدمه في هذه الأجندة العالمية، فهو مشروع "حلف الأطلسي العربي " او (الآن) مشروع "كتلة الاحتواء" التي تضمها أساساً إلى إسرائيل وبعض دول الخليج.
وإسرائيل ترى في عملية الخنق هذه لإيران فرصة جلّى لها، ليس فقط لمواصلة التفرّد في فرض سطوتها النووية والعسكرية والتكنولوجية التقليدية على المنطقة، بل أيضاً لتحقيق فرصتها الذهبية لإعادة بناء الإمبراطورية العبرية التي تعتقد انها نشأت قبل ثلاثة آلاف سنة، والتي كانت تضم في جنباتها منطقة الخليج (كتاب كمال الصليبي: "التوراة جاءت من شبه الجزيرة").
أوروبا لاتعرف[SM1]  ما تريد، لانها لاتزال لا تتعرّف على صورتها في المرآة. لكن بعض دولها، كبريطانيا وبولندا وإيطاليا على سبيل المثال، قد تكون مستعدة لخدمة الأجندة الأميركية، بأمل قطف ثمار بعض "العطايا" التجارية والمزايا الاستراتيجية.
أما الصين، التي تستورد 80 في المئة من حاجياتها النفطية من إيران والخليج، وروسيا، التي تخشى أن يُسفر نجاح واشنطن في خنق إيران عن قلب موازين قوى الغاز والنفط المشرقي في غير مصالحها، وكذلك إلى تصفية نفوذها المُستعاد في شرق المتوسط، فهما لا تستطيعان خوض مجابهة مكشوفة مع الولايات المتحدة في منطقة الخليج، لكنهما حتماً سترحبان بقوة بأي تورط عسكري أميركي كبير فيها، لأن ذلك سيدق حتماً أجراس الأفول النهائي للامبرطورية الأميركية في العالم.
فالقوة العسكرية الأميركية قادرة على  الدخول لمحق إيران عسكريا( كما فعلت العام 1988 حين مسحت من الوجود خلال أسبوع نصف الأسطول البحري الإيراني برمته)، لكنها لن تكون قادرة على الخروج بسلام من هذا "المغطس" المشرقي، تماماً كما حدث في فيتنام وكمبوديا ولاوس والعراق، وكما يحدث لايزال الآن في أفغانستان.
-         - II
-       هذا بعض ما يجري في هذه الغرفة المظلمة المشرقية.
-       لكن إلى أين من هنا؟
-       حسنا. كل هذه الأطراف الدولية تعرف ماذا تفعل وإلى أين تريد ان تصل.
-       لكن القوى الإقليمية الرئيسة التي تشكّل جوهر الحضارة المشرقية، أي إيران وتركيا ومصر والسعودية والعراق ودول المغرب العربي، لا تدرك من أسف أن هذه المجابهات لن تفعل شيئاً سوى تحويلها إلى العشب الذي ستدوسه هذه الفيلة الجامحة. وإذا كان أحد هذه الأطراف الاقليمية يعتقد أنه سيكون له مقعد إلى طاولة هذه الوليمة الدولية الجديدة، فهو سيكون أكثر من واهم. الكل  بلا استثناء سيكون هو نفسه العشاء في هذه الوليمة.
-       الشيء الوحيد الذي ستقطفه هذه القوى هو الدمار المشترك بالعدل القسطاس بين بعضها البعض، ومعه الخسائر المالية الفادحة التي ستضاف إلى الـ 14 تريليون دولار التي انفقتها هذه القوى على الحروب والصراعات خلال العقود الثلاثة الماضية وحدها.
-        نحن في منتدى التكامل الإقليمي كنا، ولا نزال، وسنبقى، الصوت المعبّر عن ضمير الحضارة المشرقية التاريخية وشعوبها العظيمة، والرافض لهذا الجنون العبثي (ونكاد من أسف نقول الأحمق) الذي تمارسه معظم مكوناتنا الإقليمية الحضارية.
ولذا، سيتحرّك المنتدى قريباً للدعوة إلى عقد مؤتمر في بيروت لأبرز "حكماء الإقليم"، بهدف إعلاء صوت الضمير والعقل عالياً، ودعوة كل القوى الإقليمية إلى الجلوس إلى طاولة النقاش، إن لم يكن لبحث مستقبل هذه المنطقة التي كانت فجر الحضارة والضمير في التاريخ البشري، فعلى الأقل للحوار بحثاً عن وسائل قد تجعلنا نرى بصيص نور خارج هذه الغرفة المظلمة التي تعج بالأشباح.