للاشتراك في المدّونة، لطفاً ضع عنوانك الالكتروني هنا

الخميس، 6 أغسطس 2015

انقلابات المناخ العالمية في كلمة كاريكاتورية واحدة .. ورائعة


Tom Toles Cartoon: "History Of The Climate Change Debate"


                    تاريخ نقاشات تغيّر المناخ

                                 كاريكاتور  للرسّام الأميركي الشهير طوم تولز في 16 لوحة:

1                      1-(تغير المناخ) ليس حقيقيا

2                     -  ليس حقيقيا

3-                         ليس حقيقيا

4-)                     ليس حقيقيا

5-)                      ليس حقيقيا

6-)                       ليس حقيقيا

7-)                       ليس حقيقيا

8-)                        ليس حقيقيا

9-)                       ليس حقيقيا

10-                  )               ليس حقيقيا

11-                  )               ليس حقيقيا

12-                  )                 ليس حقيقيا

13-                  )                  ليس حقيقيا

14-                  )                 ليس حقيقيا

15-                  )                     ليس...

16-                                                                          فات الأوان كثيرا

_______

 

                      بدون تعليق، (بمناسبة ظاهرة الاحترار المرتفعة في المنطقة العربية والعالم)

                  سعد محيو

الثلاثاء، 4 أغسطس 2015

العرب يحترقون، وأمّنا الطبيعة بدأت انتقامها الهائل


 




المنطقة العربية ذاقت للمرة الأولى، خلال الأيام الأخيرة، الطعم المر الحقيقي لمسألة تغيُّر المناخ، أو الاحترار العالمي (Climate change and global warming) .

فموجات الحر الحادة والحرائق التي اجتاحت كل بلدان الشرق الأوسط، كانت عيّنة، مجرد عيّنة، عما ينتظر شعوب المنطقة في قادم الأيام والسنين من الكوارث البيئية الزاحفة في المنطقة وفي كل أنحاء العالم.

بيد أن المذهل هنا أن كل، أو على الأقل معظم، وسائل الإعلام العربية، لم تربط بين هذه الموجات وبين تغيّر المناخ، الناجم أساساً عن التدمير المنهجي الذي يقوم به البشر بلا هوادة ولا وازع ضميري أو أخلاقي لبيئة الأرض وطقسها ومناخها. وهذا  التجاهل ناجم إما عن جهل بيئي مطبق، أو عن تآمر سياسي مطلق.

جهل غير مقدّس

الجهل "غير المقدس" وارد بالطبع. فلا أحد، على سبيل المثال، (ماعدا بعض المجلات العربية الواعدة كمجلة البيئة والتنمية وقبلها مجلة بدائل)، التفت إلى الحقيقة بأن أحد الأسباب الرئيسة للانتفاضة السورية العام 2011، كان تغيّر المناخ، الذي ترجم نفسه في صيغة جفاف ضرب المناطق الزراعية الكبرى في سورية، ودفع نحو مليوني مزارع إلى الهجرة نحو أحزمة الفقر حول المدن، ليكونوا لاحقاً جنود ووقود حركات المعارضة المسلحة على أنواعها.

ولا أحد يركّز، على سبيل المثال أيضاً، على أن جزءاً من المعضلة المصرية السياسية- الاقتصادية  الراهنة، سببه زحف الملوحة على الأراضي الزراعية، ماقوّض معيشة أكثر من 10 ملايين فلاح مصري. هذا في حين كان الانفجار الديموغرافي (المصريون الآن قاربوا التسعين مليونا) يتكفّل باستنزاف الموارد المائية والطاقة ونسف مستويات المعيشة، ويكاد يحيل القاهرة إلى مدينة تلوث غير قابلة للحياة السليمة.

وقل الأمر نفسه عن نواكشوط، عاصمة موريتانيا، المهددة الآن بالغرق تحت سطح البحر، والخلل الاحتراري الكبير في العراق بسبب إشعاعات وكيميائيات الحروب المتصلة، والدمار المائي والبيئي والاقتصادي الشامل في اليمن بسبب الحروب، والتناقص الهائل في موارد مياه الشفة والزراعة في معظم الدول العربية (المنطقة العربية هي الأولى في العالم المهددة بتدهور شامل في موارد المياه).

وحتى لبنان الغني بموارده المائية، عرضة الآن إلى خطر نقص المياه ليس فقط بسبب المليون ونصف المليون نازح سوري الذين يضغطون بقوة على هذه الموارد، بل أيضاً لأن الفوضى البيئية في بلاد الأرز تؤدي إلى تلويث العديد من خزانات المياه الجوفية، وتكاد تصحّر بلداَ لاطالما اشتهر في التاريخ بخضاره الفاقع وغاباته الغناء التي تقلّصت الآن إلى أقل من 6 في المئة من المساحة العامة للبلاد.

كارثة بيئية- ديموغرافية

كل هذه المعطيات تقود إلى حصيلة واحدة: المنطقة العربية تعيش تحت وطأة كارثة بيئية- ديموغرافية طاحنة، حتى ولو وضعنا جانباً مسـألة الاحترار وتغيّر المناخ العالمي. فما بالك الآن وقد باتت تأثيرات تغيُّر المناخ تحدث هنا والآن، وليس بعد 50 أو مئة سنة كما كان بعض العلماء يتكهنون؟ كيف ستكون صورة المنطقة حين تتقاطع الكارثة البيئية- الديموغرافية مع خطر الاحترار العالمي الزاحف؟

المسألة تحتاج إلى حلول سريعة. لكن مثل هذه الحلول تحتاج أولاً إلى وعي بيئي - كوني جديد، لايبدو أن النخب الحاكمة في الدول العربية تقبله أو حتى تعترف بالحاجة إليه.

في الولايات المتحدة، بدأ هذا الوعي يفرض شيئاً فشيئاً وجوده على أجندات القادة السياسيين. فالرئيس الأميركي أوباما بادر أمس إلى وضع قيود بيئية جديدة حتى على الغاز الصخري (Shale Gas)، على رغم أن هذا الأخير أحدث ثورة طاقة ضخمة في الولايات المتحدة. كما تعهد أوباما بخفض غازات الحبيسة قبل العام 2030. وفي بعض الدول الأوروبية، يبدو نفوذ هذا الوعي واضحاً في كل القرارات التي تتخذها حكومات هذه الدول، خاصة مثلاً منع استخراج النفط والغاز الصخريين في أراضيها بسبب الزلازل وتلوث المياه الجوفية التي يؤدي إليها.

نحن في منطقتنا في أمس الحاجة إلى بلورة مثل هذا الوعي، الذي بات أهم بكثير من كل فنون السياسة والاقتصاد. كما نحتاج أيضاً إلى وضع المسألة المائية البيئية ومشكلة تغيّر المناخ على قمة أولوياتنا، للأسباب التي أردناها أعلاه. وهذا هدف لن تصنعه حكوماتنا، بل يجب أن يكون من مسؤولية المنظمات غير الحكومية وهيئات المجتمع المدني، وخاصة منها الجمعيات النسائية التي يهمها بالدرجة الأولى (وعلى عكس الرجال) حماية الأطفال من خلال إنقاذ البيئة التي يترعرون في أحضانها.

* * *

موجة الحر الراهنة في المنطقة مجرد ناقوس انذار. وهي ليست ناجمة في الغالب لا عن تغيّر في البقع الشمسية ولا عن دورات تغيّر مناخ عادية، بل لها أساساً علاقة، كل العلاقة، بعربدتنا نحن البشر ضد توازنات أمنا الطبيعة(غايا).

وما لم ننصت اليوم إلى رسائل الإنذار هذه، ونتحرّك بشكل جماعي للاستجابة لها، ستواصل الأم غايا مسلسل انتقامها.

وهو انتقام سيكون هائلاً حقاً، وفظيعاً حقاً، وشاملاً حقا.

سعد محيو