للاشتراك في المدّونة، لطفاً ضع عنوانك الالكتروني هنا

الأربعاء، 5 سبتمبر 2012

كيف يمكن أن نعيش.. ألف سنة؟



- I -
هل اقترب الأنسان من كسر حاجز الكهولة ليعيش مئات بل حتى ربما آلاف السنين؟
ليس بعد. لكنه بدأ يداعب هذا الأمر كواقع ممكن وليس كحلم مستحيل.

- ظهور "مابعد الإنسان اللوحة من غوغل

ففي كل شهر تقريباً يخرج العلم باكتشافات جديدة تتناول كلها في النهاية إطالة عمر الإنسان: من" قطع الغيار" البيولوجية والبلاستيكية التي بدأت تحل مكان الأعضاء الكهلة، إلى نسخ الخلايا لمنع تطور الخلايا السرطانية وتجديد الأنسجة العجوز.
وتتوقع مؤسسة "سينس فاونداشن" أن تصبح عملية "إعادة بناء" الجسم البشري سهلة للغاية في غضون سنوات قليلة، مع التطورات الهائلة التي تحدث في قطاع البيوتكنولوجيا، وأيضاً مع "سباق التسلح" الذي يجري على قدم وساق بين شركات الأدوية والمختبرات الكبرى لاكتشاف "إكسير الحياة والشباب".
هذا، على أي حال، ماتعمل من أجله الآن مؤسسات على غرار "أوكسفورد فيوتشر أوف هيومانيتي" و"هيومانيتي" وغيرها الكثير. وكل هذه الهيئات تتبنى مقولة الفيلسوف نك بوستروم الشهيرة بأن "الكهولة ليست قدراً بل هي مرض. إنها ديكتاتور يقتلنا جميعاً منذ آلآف السنين ويجب وقفه عند حده".

- II -
الحياة والشباب المديدان لم يعودا، إذاً، مجرد حلم. لكن، هل هذا تطور إيجابي شأنه شأن الثورة الطبية التي مددت عمر الإنسان بنحو الضعف منذ القرن التاسع عشر؟
السؤال قد يبدو غريباً.إذ أي إنسان لايسعى إلى تجنّب لعنة أرذل العمر؟ ومن لايحلم بحياة مديدة إلى جانب أهله وأحبائه وأصدقائه؟
لكن أي تدقيق سريع في هذه المسألة يكشف عن جوانب أخرى تُبرر طرح هذا السؤال:
-        إطالة الأعمار ستتسبب بإنفجار سكاني لامثيل له قد يبلغ عشرات أضعاف الانفجار الديموغرافي الحالي، فيما كوكب الأرض يئن تحت وطأة العدد الراهن من الجنس البشري (6 بلايين نسمة).
-       كما أنه قد يتسبب بولادة ما يسميه فرانسيس فوكوياما "نظام طبقي وحشي حقيقي"، حيث يعيش أصحاب البلايين ضعفي أو ثلاثة أضعاف أصحاب الملاليم،  ويحوّلون هؤلاء الأخيرين إما إلى خدم في أحسن الأحوال، أو إلى قطع غيار لهم في أسوئها (كما تنبأ فيلم هوليوودي مؤخراً عنوانه "الجزيرة").
-       والأخطر من هذا وذاك أن مشروع إطالة الأعمار قد يقع في قبضة جماعة تدعى منظمة "ما بعد الإنسان" (Transhumans)  التي تضم عدداً متوسّعاً من كبار الرأسماليين والعلماء والفلاسفة، وتسعى إلى خلق جنس جديد عابر للبشر تكون المسافة التطورية بينه وبين الإنسان الحالي موازية للمسافة التي نشأت قبل 150 ألف سنة بين الإنسان القرد أو المنتصب( Homo Erectus) وبين الإنسان الحالي.
وهذا يمكن أن يتم عبر إحلال "التطوير التكنولوجي" مكان التطور الطبيعي، من خلال عقد قران الآلة على الإنسان.

- III -
 لماذا هذا التطور المحتمل الأخير هو الأخطر؟
لأنه ببساطة سيؤدي إلى ولادة طبقة بيولوجية جديدة من السوبر أغنياء تملك وحدها كل مفاتيح ومغاليق الحياة المديدة وغير المديدة، ومعها ربما الذكاء والقدرات العقلية الكاسحة التي ستغريها إما بإبادة الجنس البشري الحالي (كما فعل الإنسان البشري، على أي حال، مع سلفه الإنسان المنتصب- Homo Erectus) أو بوضع معظمه في حديقة الحيوان أو السيرك.
وفي هذا الاحتمال الأخير، سنكون أنا وأنت عزيزي القاريء، ومعنا 99، 99 بالمئة من الجنس البشري، نزلاء في حدائق الحيوان.

                                                                            سعد


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق