-
I -
هل دشّنت هيلاري كلينتون في اسطنبول مرحلة جديدة في
التعاطي الأميركي (والأطلسي والخليجي) مع الحرب الأهلية السورية؟
(أردوغان وكلينتون أمس في اسطنبول (عن غوغل |
يبدو أنها بدأت
تتحرّك بالفعل في هذا الاتجاه، ولكن بسرعة سسلحفاتية. لماذا؟
سنأتي إلى هذا السؤال بعد قليل. قبل ذلك، فلنستعرض معاً جديد
كلينتون بعد لقائها القادة الأتراك في اسطنبول. قالت:
- اتفقنا (مع الأتراك) على القيام بـ"تخطيطات
عملانية" مكثّفة وحقيقية. ستقع مسؤوليات هامة للغاية على عاتق أجهزة الأمن
والقوات المسلحة لدينا، ولذا اتفقنا على تشكيل فريق عمل تركي- أميركي مشترك.
- ناقشنا مايجب
فعله في حال وقع المحظور الفظيع الخاص باستخدام الأسلحة الكيمائية، على كل من
الصعيد الإنساني وعلى مايجب فعله لتأمين مخزون هذه الأسلحة ومنع استخدامه أو وقوعه
في الأيدي الخطأ.
- الاتفاق على مزيد من الدعم لقوى المعارضة السورية
والإعداد لخلق دولة مابعد الأسد، ورفض بروز تهديدات إرهابية في المنطقة الكردية
الشمالية من سورية.
- II -
محصلات قوية؟
أجل، لكن ليس لأن كلينتون استخدمت
تعابير حادة في بيانها (إذ هي كانت صقورية في كل تصريحاتها ضد الرئيس الأسد منذ نيّف
وسنة)، بل لأن الوزيرة الأميركية تطرقت هذه المرة إلى خطوات عملية محددة للمساعدة
على إسقاط النظام السوري: من "التخطيط العملاني" لدعم المعارضة المسلحة
والتحضير لمرحلة مابعد الأسد، إلى الخطط العسكرية للسيطرة على الأسلحة الكيمائية،
مروراً بتغطية ودعم أي تحرّك تركي في وقت لاحق لمنع حزب العمال الكردستاني من
تحويل شمال سورية إلى منصة انطلاق في عملياته ضد تركيا.
في كل هذه المجالات، تحرّكت
الإدارة الأميركية خطوة آخرى إلى الأمام، لكن
ليس إلى الدرجة التي تضع فيها كل ثقلها لحسم المعركة لصالح المعارضة
السورية. وهذا مايعيدنا إلى سؤالنا الأولي: لماذا استمرار هذا التردد أو التباطؤ
الأميركي؟
الانتخابات الأميركية الوشيكة سبب.
تعب الولايات المتحدة من حروب العراق وأفغانستان سبب آخر. لكن قد يكون هناك سبب
أكثر أهمية من هذا وذاك: شعور واشنطن بأن الأزمة السورية لم تصل بعد إلى الدرجة
التي تفرض التدخل الأميركي فرضا. صحيح أن هذه الأزمة ارتدت كل، أو على الأقل معظم،
ملامح الحرب الأهلية، إلا أنها لمّا تبلغ بعد المرحلة الحرجة كما في البوسنة
وكوسوفو وأيضاً ليبيا.
بيد أن هذه المرحلة آتية لامحالة،
في حال استمر الصراع بلا حسم بين نظام يتمتع بتفوُّق العدّة العسكرية وبين معارضة
تحوز على التفوق في العديد البشري. وهي قد تتضمن احتمال تمدد أو تمديد الحرب
الأهلية السورية إلى لبنان والعراق والأردن، أو انخراط إسرائيل مباشرة فيها بفعل
تصاعد الإنغماس الإيراني في الشأن السوري واللبناني (كما أوضحت ذلك بجلاء زيارة
الجيلاني مستشار خامنئي الأخيرة إلى بيروت ودمشق)، أو كليهما معا. وحينها، سيكون
التدخل الأميركي حتميا.
قبل ذلك، ستعتمد الولايات المتحدة
على الأرجح خيار العمل على تسليح وتدريب بعض قوى المعارضة السورية (وهذا قد يكون
هو "التخطيط العملاني" الذي أشارت إليه كلينتون) لتحقيق هدفين في آن: شل
قدرات النظام في مجالي المدرعات والطائرات، ماسيسمح لقوى المعارضة بإحكام سيطرتها
الفعلية على ثلاثة أرباع مساحة سورية؛ وبدء بناء جيش سوري جديد و"موثوق"
يشرف على تأسيس نظام سياسي بديل.
أما في حال خرجت الأزمة السورية عن
السيطرة الإقليمية، فسيأتي دور التدخل المباشر الأميركي- الأطلسي - الخليجي لحسم
نتيجة الحرب الأهلية، ولضم سورية بالقوة إلى نادي الثورات المنتصرة في الربيع
العربي.
-
III -
لقد حاولت إدارة أوباما طيلة
الأشهر الـ17 الماضية أن "تنأى بنفسها" (على طريقة رئيس الحكومة
اللبنانية نجيب ميقاتي) عن التدخل العسكري أو الأمني المباشر في سورية، وفضّلت
عليه البحث عن حل دبلوماسي مع روسيا في إطار كوندومينيوم (حكم مشترك) أميركي- روسي
لبلاد الشام.
لكن يبدو ان هذا الخيار لم يكن
واقعياً، ليس فقط لأن لدى روسيا أجندة دولية أوسع تستخدم فيها الأزمة السورية
كورقة ثمينة لتحسين موقعها في النظام العالمي، بل لأن إيران أوضحت في الآونة
الأخيرة، (عبر البيانات القوية الرافضة لسقوط الحلقة السورية من "محور
الممانعة والمقاومة")، أنها ستحل مكان الفيتو الروسي الحامي للنظام السوري،
في حال وهنت حماسة موسكو في هذا المجال.
وهذا التطور بالتحديد، أي دخول
إيران القوي على خط الأزمة السورية على حساب الدور الروسي، هو الذي دفع، وسيدفع
أكثر، الولايات المتحدة إلى بدء التكشير عن أنيابها الأمنية- العسكرية في سورية،
وإن خطوة خطوة وبالتدريج.
وزيارة هيلاري كلينتون الأخيرة إلى
اسطنبول أول غيث هذه "التكشيرة".
سعد
The more they are cornering the situation thinking that they will win the More Rocket Showers Israel, the Saudis and the Qataris will have
ردحذف