-
I -
الكثيرون في الشرق الأوسط سيصفِّقون لتصريحات الرئيس
الأميركي أوباما أمس (20- 8-2012) والتي هدّد فيها للمرة الأولى بالتدخل العسكري
في سورية "إذا ما استخدم فيها النظام، أو حتى حرّك، الأسلحة الكيمائية. هذا
خط أحمر بالنسبة إلينا".
( أوباما ينتظر قرار نتنياهو ليتخذ هو قرارا (الصورة من غوغل |
مبرر التصفيق واضح: فهذه المرة الأولى منذ 18 شهراً
متواصلة من الانتفاضة السورية التي يصدر فيها بيان أميركي من هذا النوع. وهي المرة
الأولى أيضاً التي يتحدث فيها الرئيس الأميركي عن احتمال "تغيير الحسابات
الأميركية" حيال الوضع في سورية.
كل هذه "المرات الأولى" تبدو إيجابية بالفعل.
لكن مهلا: لمصلحة من يصب هذا الموقف الأميركي الجديد، أو بالأحرى لماذا فاجأ
أوباما الجميع بهذا الموقف الذي يسير تماماً في عكس كل البيانات الأميركية، من
البنتاغون إلى وزارة الخارجية ومن السي. أي. آي إلى مجلس الأمن القومي، والتي كانت
تُشدِّد كلها على أن أميركا لاتنوي التدخل في الشأن السوري؟
-
II-
هناك تفسير واحد مقنع وراء هذه الخطوة: حماية أمن
إسرائيل.
فأوباما، في بيانه، لم يقل أنه سيتدخل لإنقاذ أرواح
عشرات السوريين التي تزهق كل يوم، ولا لمساعدة الشعب السوري على نيل حرياته
الديقراطية، بل ركزّ فقط على نقطة يتيمة: "منع الأسلحة الكيمائية من الوقوع
في أيدي قوى أخرى" (يقصد الأصوليين الإسلاميين). وبالطبع، أمن إسرائيل سيكون
مهدداً إذا ما حدث ذلك.
أكثر من هذا. كان العديد من المحللين يشكّون بأن
الولايات المتحدة ليست حازمة وجادة في دعواتها إلى تغيير النظام السوري، لأن
الدولة العبرية لاتزال حتى الآن تعارض هذه الخطوة. فهي طيلة نيف و40 سنة
"مرتاحة" لخدمات هذا النظام في الجولان، وضد الفلسطينيين واليساريين في
لبنان وخارجه، وغيرها من الخدمات الاستراتيجية والأمنية التي وفّرها النظام لها.
الدليل على هذه الحقيقة ورد في تقرير هام لمؤسسة الشرق
الأوسط ( Middle east
institute)
الأميركية للأبحاث الدولية والاستراتيجية، جاء فيه:
"روسيا لاتعتقد أن إدارة أوباما، ولاحتى أي إدارة
جمهورية قد تصل إلى البيت الأـبيض، مهتمة حقاً بإسقاط النظام في سورية. ولايعود
السبب فقط إلى اعتبارات محلية أميركية (الانتخابات الرئاسية، والتعب من الحرب) بل
أولاً وأساساً بسبب المضاعفات السلبية التي قد تلقي بظلالها على إسرائيل في حال
سقط النظام. ولو أن واشنطن كانت جادة حقاً في إسقاط هذا النظام، لكانت شكّلت تحالف
مريدين لضرب الأسد، سواء بموافقة مجلس الأمن الدولي أم لا".
أمر آخر.
في تحليل لنيويورك تايمز، تمت الإشارة إلى أن الولايات
المتحدة، وعلى عكس كل البيانات الرسمية الأميركية، لم تزوِّد المعارضة المسلحة السورية
بأي معدات "غير قاتلة"، ولا حتى الـ900 هاتف فضائي الذي أدّعت وزيرة
الخارجية كلينتون أن واشنطن نقلتها إلى الثوار.
لماذا؟
مرة أخرى، ليس هناك سوى تفسير واحد: إسرائيل لاتزال
تعارض المعارضة السورية، وتدعم نظربة "أمن إسرائيل" من أمن سورية"
التي أطلقها الملياردير رامي مخلوف، قريب الرئيس السوري بشار.
-
III -
كل هذه المعطيات تؤكد ماليس في حاجة إلى تأكيد منذ عقود:
ليس هناك سياسية خارجية أميركية في الشرق الأوسط. فقط هناك سياسية خارجية أميركية
تقررها إسرائيل في المنطقة، خاصة في المجال الحيوي لـ "الأمبراطورية
الإسرائيلية " الذي يضم سورية ولبنان والأردن وفلسطين وشمال العراق.
وإذا ماحدث وقررت الولايات المتحدة في مرحلة ما التدخل
العسكري في سورية، فهذا سيعني أن إسرائيل فقدت الأمل من إنتصار نظام الأسد، ونفضت
يدها منه، وبدأت تبحث عن بدائل.
سعد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق