من 1910 إلى 2012: حين يَكذِب الفجر
متى يُودِّع العالم الأمبراطورية الأميركية؟
-الملك ادوارد- غوغل |
- I -
في العام 1910، اجتذبت جنازة إدوارد السابع الملك- الامبراطور البريطاني
واحداً من أهم التجمعات المَلَكِية في التاريخ: ثمانية ملوك أوروبيين، امبراطور
ألماني، ورثة الأمبرطوريتين العثمانية والنمسوية، أمراء من مصر والصين واليابان، إضافة
إلى عشرات أمراء آخرين من دول أصغر حجماً، ووراءهم في العربات الملكية ملكات
وأميرات من كل الاصناف والألوان.
كل هؤلاء ساروا وراء كفن الملك إدوارد وهو يوارى الثرى في ويندسور. وبالطبع،
هم فعلوا ذلك ليس حباً بهذا الامبراطور، بل احتراماً وتقرّباً من الامبراطورية
البريطانية التي كانت في ذلك الوقت الدولة العظمى الأولى في العالم.
وهذه بدت آنذاك حقيقة راسخة.
فالنظام الدولي الذي نشأ بعد سقوط نابليون بونابرت، كان بحق نظاماً بريطانياً. إذ ترافقت الثورة الصناعية في بريطانيا مع صعود سيطرتها البحرية، وثورتها المالية، وتوسّعها التجاري، الأمر الذي حوّلها إلى قوة عظمى جديدة. وحوالي العام 1860، وهي السنة التي تُعتبر ذروة الصعود البريطاني، كانت المملكة المتحدة تنتج 53 في المئة من حديد العالم، و50 في المئة من فحمه، وتستهلك نصف الإنتاج العالمي الخام من القطن. وعلى رغم أن عدد سكانها لايتجاوز 2 في المئة من سكان الأرض و10 في المئة من سكان أوروبا، امتلكت قدرات صناعية قدّرت بـ40 إلى 45 في المئة من القدرات العالمية.
لذلك لم يكن مستغرباً أن يحتفي الفيكتوريون ببريطانيا بوصفها "مركز العالم" بالكلمات المعبّرة الآتية:
"سهول أميركا الشمالية وروسيا هي حقول قمحنا؛ وكندا والبلطيق هي غابات
خشبنا؛ أستراليا تتضمن مزارع غنمنا؛ وفي الأرجنتين والسهول الغربية لأميركا
الشمالية تكمن قطعان ثيراننا؛ البيرو ترسل لنا فضّتها؛ وذهب جنوب إفريقيا
وأستراليا يطير إلى لندن؛ الهندوك والصينيون يزرعون الشاي لنا؛ إسبانيا وفرنسا هما
كروم عنبنا وحوض البحر المتوسط هو حديقة فواكهنا".
- II -
الملوك والأمراء الذي ساروا وراء نعش إدوارد، فعلوا ذلك وفي ذهنهم هذه
الـ"بريطانيا". ولأنهم كانوا سكرى بهذه الهيبة الامبراطورية الكاسحة، لم
يلتفتوا إلى الحقيقة بأن بريطانيا كانت في حالة انحدار حقيقي، وأن 1910 كان مجرد نهاية
عقد ضائع من قرن جديد ستكون فيه هذه القوة مجرد ملحق بقوة أخرى أكثر ثراء وسطوة:
أميركا.
- III -
لماذا تذكّر حدث جنازة إدوارد الأن ؟
لأن العالم احتفل بانتهاء أول عقد من القرن الحادي والعشرين وهو لايزال
يًطل على أميركا كما أطل على بريطانيا في العقد الأول من القرن العشرين، بوصفها
امبراطورية لم، ولن، تغرب عنها الشمس.
بيد أن ملوك وأمراء اليوم، كانوا مخطئين كما ملوك وأمراء الأمس. فالفجر كان
كاذباً، وشمس أميركا لم تك تشرق بل تغرب. وما شهدناه في العقد الماضي لم يكن سوى
تمرين على عادة قديمة. وهذه حقيقة التقطتها "فاينشنال تايمز" في اليوم
الأخير من العام 2009، حين كتبت: "من المذهل كيف أن قرناً جديداً غالباً من
يبدأ بالفعل بعد 10 أو 12 سنة من بدايته الرسمية".
حسناً. القرن الحادي والعشرين بدأ بالفعل بعد نحو عشر سنوات من بدايته
الرسمية، وهو سيكرر على الأرجح ما حدث في 1910: وداع نظام عالمي قديم، عبر السير
في ركاب جنازة حافلة. لكن هذه المرة الجنازة ستكون لأمبراطورية وليس لامبراطور!
___________
ملحوظة: كتاب زبغنيو بريجنسكي الجديد: strategic
vision: America and the crisis of global power الصادر هذا العام، يتطرّق بالتحديد إلى هذه النقطة،
أي إلى الانحدار الأميركي، لكن من منظور الدعوة إلى تداركه. حين ننتهي من قراءة
الكتاب، سنعرض للقراء الأعزاء أفكاره الرئيسة.
سعد
For a country take its wage from China and corrupt Arab State and Economical Bankrupt with 3 Generations Deficit It is up to you to think if they Are still in a respectable Single Power. The future is for a consortium rather just ONLY the declined America
ردحذف