للاشتراك في المدّونة، لطفاً ضع عنوانك الالكتروني هنا

السبت، 17 نوفمبر 2012

حرب غزة-2: "قص عشب" أم انقلابات استراتيجية؟


لماذا حرب غزة الآن؟- الصورة من غوغل-

إسرائيل فاجأت حماس والجميع بحربها الجديدة. لكن، هل الهدف فقط هو الانتخابات الإسرائيلية و"التدمير العادي" للقدرات العسكرية الفلسطينية، أم أن للأمر علاقة ما بالصراع مع إيران وبمصير المملكة الأردنية؟
- I -
الحرب المدحرجة في غزة كانت بمثابة مفاجأة للجميع:
لحركة حماس (بالدرجة الأولى) التي كانت تخطط للخروج من اختناقها الاقتصادي بأموال ق
قطرية فلكية بمقاييس الفقر الغزواي( 400 مليون دولار) ومن عزلتها السياسية والدبلوماسية بفضل وصول أخوتها الإخوان إلى مصر وتونس. وبالطبع، أي حرب الأن ستدمِّر أي فرص لها لبناء نفسها داخلياً لسنوات عدة.
وهي أيضاً مفاجئة لمصر الإخوانية، التي كانت آخر ماتريده في هذه الفترة التي تحاول فيها هي الأخرى إيجاد حلول لكوارثها الاقتصادية والاجتماعية، الانغماس في أم أزمات وأب قضايا المنطقة: فلسطين، من دون أن تمتك القدرة على التأثير فيها على نحو فعال أو حتى ذي معنى. لماذا؟
لأن أي خطوة راديكالية ضد إسرائيل قد يُقدم عليها الرئيس مرسي، قد تفتح أبواب جهنم عليه. وهذه الجهنم لها عنوان واحد يعرفه جيدا: التحالف المكين بين أميركا وبين الجيش والمخابرات المصرية، اللذين ينتظران الفرصة السانحة ( والتي تعني هنا الضوء الأخضر الأميركي) للانقضاض على جماعة الإخوان مجددا وتمزيقها شر تمزيق.
أما تركيا، التي فوجئت هي الأخرى، والتي بدت للحظة أنها باتت زعيمة القضية الفلسطينية، فسيكون عليها في هذه المرحلة ضبط لغتها الحماسية ضد الدولة العبرية، إذا ما أرادت الحصول على الدعم الأميركي- الأوروبي في معركتها في سورية ضد الروس والإيرانيين.
- II -
الكل تفاجأ، إذا، ماعدا بالطبع إسرائيل التي يبدو واضحاً الآن أنها خططت وحضّرت وطبخت حرب غزة- 2 (الحرب الأولى اندلعت في 2008-2009) منذ فترة غير قصيرة. لكن لماذا؟ وما الذي تستهدفه حكومة نتنياهو من هذه الحرب؟
اكتساح الانتخابات التي ستجري بعد شهرين، عامل رئيس بالتأكيد. ويدل اصطفاف الجميع بلا استثناء في إسرائيل، معارضة وموالاة، يميناً ويساراً، وراء حرب نتنياهو - باراك، بأن هذا الثنائي سيربح الانتخابات حتماً إذا ما جرت اليوم، وسيضمن ربحها حتماً أ يضاً إذا ما انتهت الحرب بأقل ما يمكن من الخسائر البشرية الإسرائيلية.
لكن التكتيكات الانتخابية لاتلغي بالضرورة الالعاب الاستراتيجية.
وهنا يمكننا التمييز بين أمرين: الأول، استراتيجية إسرائيلية "عادية" ترتبط بعلاقتها مع كل من الفلسطينيين ومصر، وبمفهومها لطبيعة الحرب والسلام والصراع في الشرق الاوسط. والثاني، استراتيجية إسرائيلية "فوق عادية" تطال كلاً من معركتها مع إيران على النفوذ في المنطقة ومن الخريطة الجغرافية والجيوسياسية في إقليم الهلال الخصيب، خاصة في الأردن.
 في مجال الاستراتيجية "العادية"، قد يكون الاستنتاج الذي وصل إليه خالد مشعل دقيقا: تل أبيب تريد بالفعل اختبار مدى التزام الإخوان المسلمين المصريين بالتعهدات التي قطعوها لواشنطن حول عدم المس باتفاقية السلام مع إسرائيل، في مقابل تسهيل وصولهم إلى السلطة عبر لجم جموح الجيش والمخابرات المصرية ضدهم. بيد أن هذا، على صحته، قد لايكون كل شيء. إذ ربما تريد إسرائيل أيضاً  عبر حرب غزة أن تُحرج كل أصدقاء أميركا الجدد الذين انتجهم الربيع العربي، إضافة إلى تركيا، بهدف استعادة مكانتها وكل الاهتمام الأميركي بها وبمصالحها، بعد أن حجب هذا الربيع بعض الأضواء عنها.
أما الاستراتيجية "العادية" مع الفلسطينيين، فهي تتعلق بمفهوم "قص العشب" الذي تتبناه كل المؤسسات العسكرية والمدنية الإسرائيلية، والذي يستند إلى الفكرة بأن السلام مع الفلسطينيين مستحيل وأن "الحرب الدائمة" هي الحل الوحيد. ولذلك، وبين الفترة والأخرى، يجب مواجهة نمو العشب من جديد (وهو يعني هنا إعادة تسلّح المقاومة الفلسطينية) عبر شن حرب تدميرية قصيرة الأمد.
انطلاقاً من هذا المفهوم، يمكن توقُّع أن يكون هدف الحرب الإسرائيلية الجديدة، والتي قد تشمل غزواً برياً كما حدث في حرب 2008-2009، تدمير القدرات العسكرية الغزاوية، وردع صواريخ حماس وبقية الفصائل لثلاث أو أربع سنوات أخرى. وهذا، على أي حال، هو الهدف المعلن للحرب الجديدة.
لكن، عن الأهداف "فوق العادية" المحتملة، والتي تتعلق أساساً (كما سنرى) بكلٍ من النفوذ الإيراني وبمصير المملكة الأردنية الهاشمية؟

(غداً نتابع).
سعد.
____
لمن يستزيد حول موضوع الحرب على غزة:
1- التصعيد في غزة يهدد حماس:
 http://www.ft.com/intl/cms/s/0/c7917fc8-3004-11e2-891b-00144feabdc0.html#axzz2CRz25Xm8
2-  حرب غزة تختبر مرسي:
http://www.ft.com/intl/cms/s/0/7629c93a-2f3f-11e2-8e4b00144feabdc0.html#axzz2CRz25Xm8
3- اسرائيل ونظرية "قص العشب":
http://www.nytimes.com/2012/11/17/world/middleeast/israel-sticks-to-tough-approach-in-conflict-with-hamas.html?hp
__________________________________________________________

هناك تعليق واحد:

  1. غير معرف17/11/12 11:39


    Typical Geopolitical Chess Game and the Naivety is a Heavy Price and a great investment to Qatar monopoly Game by investing $400 Mio and you can imagine their Gain

    ردحذف