للاشتراك في المدّونة، لطفاً ضع عنوانك الالكتروني هنا

الاثنين، 20 أغسطس 2012

الأردن: هل ارتكب الملك "خطأ استراتيجيا"





- I -
هل عُلِّق الأصلاح الديمقراطي في الأـردن إلى مالانهاية، وهل قرر الأردن أن يسير على نهج المَلَكِيات الأخرى في دول الخليج، بدل أن يحذو حذو المَلَكِية المغربية؟


الإجابة على هذا السؤال تأتي سريعاً من أقطاب المعارضة، وعلى رأسهم جماعة الإخوان المسلمين الذين قرروا مقاطعة الانتخابات في أواخر السنة الحالية وقد تتبعهم العديد من الاحزاب اليسارية والليبرالية. فهم يقولون أن قانون الانتخاب الجديد الذي صادق عليه الملك عبد الله الشهر الماضي، سيُعيد انتاج برلمان تُهمين عليه المصالح القبلية الضيقة المستندة إلى النظام الزبائني. ويضيفون أن وعد الملك بتعيين رئيس للحكومة بالتنسيق مع البرلمان الجديد، لم تعد تعتبر خطوة في الطريق القويم نحو الإصلاح، بعد أن ضمن الملك هيمنته على البرلمان.
أما أنصار القانون الانتخابي فهم يروون قصة أخرى، غير تلك التي يروّجها الخصوم الذين يقولون أن هذا القانون يشوّه التمثيل الشعبي حين يعطي المناطق القَبَلِية قليلة السكان تفوقاً كاسحاً على المدن المكتظة بالسكان.  يقول الأنصار أن خطوة الملك كانت حكيمة وحصيفة للغاية، لأنها متطابقة مع الإرادة الشعبية التي ترى مايجري من مآسٍ في سورية، فتفضِّل الأمن والاستقرار على الإصلاح الديمقراطي والحريات.
من نصدِّق؟
- II -
من زاوية براغماتية، يبدو الملك بالفعل حصيفاً. فالشعب الأردني، كما دلّت محدودية المظاهرات المتواصلة المطالبة بالديمقراطية المتواصلة منذ أشهر عدة، ربما يخشى حقاً من حال اللاإستقرار، ولايزال يمحض النظام الملكي فرصة اختيار موعد الإصلاح. ثم جاءت الأزمة السورية لتعزز بقوة هذا المنحى.
علاوة على ذلك، يستطيع البلاط أن يراهن على دعم خارجي قوي. فالولايات المتحدة تحتاج قواته الخاصة وأجهزة مخابراته لمواجهة احتمال تفكك سورية ووقوع الأسلحة الكيمائية في أيدي الأصوليين المتطرفين. كما في وسعه الاسترخاء في أحضان دول الخليج، التي كانت طرحت أصلاً عليه الانضمام إلى مجلس التعاون الخليجي كجزء من خطتها لتحصين هذه الدول ضد عواصف الربيع العربي.
بيد أن محصلات هذه الحصافة الملكية قد تكون آنية وقصيرة العمر، لأسباب عدة قد تجعلها تنقلب إلى عكسها:
1- فإذا ما قررت أحزاب المعارضة مواصلة مقاطعة الانتخابات، المرجح حينها أن تنخفض نسبة المشاركة الشعبية إلى أقل من 50 في المئة. وحينها ستكون مسألة شرعية ومقبولية النظام موضع تساؤل كبير وشك أكبر.
2- الرهان على استمرار الخفوت الشعبي، أشبه بالرهان على الطقس الصحراوي الذي قد تهب فيه العواصف من دون سابق إنذار. فالمزاج الشعبي يتغيّر بسرعة، خاصة في ضوء الأعاصير الديمقراطية التي تجتاح المنطقة من أقصاها إلى أقصاها. ولاننسى هنا أن الأردن بلد صحراوي، وأن الجغرافيا تؤثر بقوة على التاريخ والسياسة.
3- صحيح ان صور المذبحة السورية مرعبة، لكن وراء هذه الصورة ثمة مشهد لشعب يقاتل بكل جوارحه من أجل الحرية، ويوفّر لشعوب المنطقة خريطة طريق لإطاحة أعتى الأنظمة السلطوية والاستبدادية. وحين يبدأ الشعب السوري موسم حصاد هذه التضحيات الجسام وينطلق نحو تجربته الديمقراطية الخاصة (مهما كان شكلها الدستوري)، سيصل الدرس سريعاً إلى كل مكونات الشعب الأردني.
4- لقد كان الملك عبد الله أول مسؤول عربي رفيع يدعو الرئيس بشار الأسد إلى التنحي. فهل فعل ذلك لمجرد إطلالته على موازين القوى المحلية والدولية، أم لاقتناعه بأن حبل الاستبداد قصير؟
5- تجميد الإصلاح سيؤدي على الأرجح إلى عكس النتائج المرجوة منه، ومن بينها الاستقرار، في لحظة تاريخية حرجة للغاية. فالأردن كان يحتاج في مثل هذه اللحظة إلى وحدة وطنية عليا تستند إلى الرضى والمقبولية العامة، لا إلى مقاطعات وإنشطارات مجتمعية وسياسية، لتحصين البلاد من العواصف.
- III -
ماذا يعني كل ذلك؟
أمر واحد: خطوة الملك كانت إيجابية تكيتكياً (بالنسبة إلى النظام) ، لكنها سلبية وخطيرة استراتيجياً. إذ يبدو أن العاهل الهاشمي استعمل أدوات تحليل قديمة لفهم معطيات جديدة كل الجّدة. وأي نظرة طائرة إلى مايجري في المنطقة من تونس والمغرب إلى مصر، كافية لتوضيح هذه النقطة.
غلطة الشاطر هذه المرة، قد تكون بأكثر من ألف، مالم يتم تدراكها.

                                                                                سعد



هناك تعليق واحد:

  1. غير معرف20/8/12 21:42

    Possibly He will be the next Puppet to bite the Dust or goes down the Drain

    ردحذف