- I -
أخبار سعيدة تلك التي نقلتها إلينا قبل أيام جامعتا هارفرد وكاليفورنيا: السعادة،
كالفيروسة، مُعدية وتتنقل ليس فقط داخل المنزل العائلي أو بيت العائلة الأوسع بل
حتى بين أناس لايعرفون بعضهم البعض.
الدراسة المشتركة كانت حصيلة 20 سنة من الأبحاث التي شملت 4739 مشتركاً.
وهي خرجت بالخلاصات التالية:
-
السعادة تنتشر من
خلال الشبكات الاجتماعية، الأمر الذي يعني أن سعادتك قد تؤثر إيجاباً على أشخاص لم
تقابلهم في حياتك.
-
ثمة علاقة
إحصائية ليس فقط بين سعادتك وبين سعادة أصدقائك، بل أيضاً بين سعادتك وسعادة أصدقاء
أصدقاء أصدقائك.
-
الحزن أيضاً معدٍ
لكن بدرجة أقل من السعادة التي يبدو أنها تخلق بين الأفراد مايشبه شبكة العنكبوت
الإلكترونية.
الدراسة اكتشفت أيضاً أن البدانة كما التدخين تنتقل بالعدوى. وهكذا إذا كان
جيرانك على بعد كيلومتر أو كيلومترين شرهين في تناول الطعام أومدمنين على التدخين،
فهذا سيزيد من احتمال وقوعك بين براثن البدانة أوكارثة السجائر بنسبة مرتفعة تتراوح
بين 10 وحتى 20 في المائة.
- II -
اكتشافات مذهلة؟
بالتأكيد, لكنها ناقصة. فالدراسة تؤكد لنا ان السعادة معدية، لكنها لم تقل
لنا لماذا، أوما التفسير العلمي لذلك. إذ كيف يمكن لأحاسيس فردية خاصة، لها حتماً
معطياتها الذاتية وأسبابها الشخصية، أن تصبح جماعية أوشبه جماعية على هذا النحو؟.
في الاحوال العادية التي يكون فيها
الاتصال بين الأشخاص، حتى ولو لايعرفون بعضهم البعض، مباشراً قد يكون الأمر
مفهوماً، لأن المرء يشعر فوراً بما يشبه التيار الكهربائي ينساب إلى كل جسده. لكن
أن يحدث ذلك بين بشر لم يلتقوا في حياتهم، فهذا مدعاة إلى كثير من الاستغراب
والدهشة.
التفسير الوحيد المعقول هو ذلك الذي يقدمه أرباب التأمل التجاوزي والصوفيين
وأنصار وحدة الوجود: البشر في الواقع، كما كل المخلوقات والموجودات، كيان مشترك
أشبه بجسم واحد يتكوّن من مليارات الخلايا التي قد تكون مختلفة الاختصاصات لكنها
تتشاطر وجوداً واحداً. هذه الحقيقة لانستطيع نحن البشر العاديين أن ندرك كنهها
لأننا نعيش في سجن خاص اسمه الأنا الفردي أوالاناني الذي يصوّر لنا أننا منفصلون
عن باقي جنسنا وعن باقي المخلوقات وعن كل الطبيعة، فيما الواقع ان الكل متصل
بالكل: من أصغر فراشة إلى أضخم الديناصورات، ومن أدق ذرة إلى أعظم المجرات.
وهذا أمر يثبته العلم الأن بجلاء بحيث بات في الإمكان التحدث عن عقل جماعي
بشري واحد، وعن روح جماعية مشتركة، والأن عن انفعالات جماعية واحدة كما تثبت دراسة
هارفارد وكاليفورنيا.
- III -
كم كان الأديب الكبير ميخائل نعيمة محقاً حين كان يكرر باستمرار القول:
"أنت أنا يا أخي".
حقاً أنت أنا يا أخي، في السراء كما الضراء، في السعادة كما في الشقاء!
سعد
محيو
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق