الخطوط العامة للسياسة الأميركية إزاء سورية لن تتغيّر
كثيراً في عهد أوباما الثاني، لكن الرئيس السوري قد يكون كبش فداء
"التفاصيل" الأميركية.
|
-
I -
يُجمع كل المحللين تقريباً في الشرق الأوسط على أن
السياسة الخارجية الأميركية في الشرق الأوسط، لن تتغيّر مع فوز الرئيس باراك
أوباما بولاية ثانية.
دخول أوباما مجددا إلى البيت الأبيض قد تعني خروج الأسد من دمشق( الصورة من غوغل |
وهذا تقدير صحيح في الكثير من المجالات. فالتسوية
الفلسطينية- الإسرائيلية ستبقى في ثلاجة الانتظار، بعد أن احتلت ثورات الربيع
العربي مكانها في أولويات الولايات المتحدة: الديمقراطية قبل الجيوبوليتيك، خاصة
مع وجود حكومة إسرائيلية لاتريد أصلاً مثل هذه التسوية، ومع استمرار "الحرب
الأهلية الباردة" بين حماس وفتح.
و"العلاج" الأميركي مع إيران سيواصل الاعتماد
على اسبيرينات التهدئة الهادفة إلى قتل المريض الإيراني بالخنق الاقتصادي، وقد لن
ينجر إلى المطالبات الإسرائيلية بعمليات عسكرية جراحية شاملة ضد الجمهورية
الإسلامية.
والعلاقات الأميركية مع أنظمة الإخوان المسلمين في مصر
وتونس، ستبقى موضع اختبار وتدقيق من جانب أوباما-2، إلى أن يُثبت الإخوان أنهم
جديرون بثقة واشنطن ودعمها، عبر التصدي للمتطرفين الأصوليين ومواصلة العمل على
بناء المرحلة الانتقالية الجديدة استناداً إلى الديمقراطية وحرية السوق.
-
II -
هل تنطبق هذه الاستمرارية أيضاً على الأزمة السورية؟
هنا أيضاً ثمة شبه اجماع بين المحللين على أن أوباما-2
سيواصل سياسة أوباما-1 التي تميَّزت بالتردد في اتخاذ المواقف الحازمة إزاء هذه
الأزمة، والامتناع عن الدعم واسع النطاق للمعارضة المسلحة السورية بالأسلحة
المضادة للطائرات والدبابات (بحجة الخوف من وقوعها في أيدي القاعدة أو جبهة
النصرة)، والتركيز على توحيد المعارضة السورية لجعلها لاحقاً طرفاً رئيساً مفاوضات التسوية السياسية التي قد تجري بين
روسيا والولايات المتحدة.
بكلمات أوضح: يقول هؤلاء المحللون أن التوجهات الأميركية
الراهنة ستستمر كما هي من دون تغيير. وهذا سيستجيب أيضاً للمواقف الإسرائيلية التي
لاتزال ترفض حتى الآن تغيير النظام السوري الراهن.
لكن، حتى لو كان هذا التحليل صحيحاً إلا أنه، وعلى عكس
ماهو متوقع، لن ينزل برداً وسلاماً على صدر النظام السوري.
لماذا؟
لأسباب عدة:
أولاً، لأن "فترة السماح" التي تمتع بها
النظام طيلة فترة الحملات الانتخابية الأميركية واستخدمها لزج كل طاقته التدميرية
في المعركة، ستنتهي، من دون أن يتمكَّن من حسم الأمور لصالحه. فمن الآن فصاعدا، ستكون
الأضواء الأميركية والدولية مصلتة بقوة على ممارسات النظام العنفية، وستوفّر مادة
ضغط أميركية دسمة على روسيا والصين لحملهما على تغيير مواقفهما الداعمة بقوة
لدمشق.
وثانياً، لأن كل جهود الرئيس الأسد لتصدير أزمته إلى
الدول المجاورة، وتحويلها من أزمة داخلية إلى أزمة إقليمية، ستُطوى صفحتها بفعل
التفرُّغ الأميركي لمراقبة وملاحقة وإجهاض هذه الجهود.
وثالثاً، لأن فوز أوباما سيكون أسوأ بالنسبة إلى مصير الأسد
من فوز رومني. فهذا الأخير كان ينوي تصعيد المجابهة مع "الخصمين الجيو-
سياسيين الأخطر على الولايات المتحدة" (على حد تعبيره)، وهما روسيا والصين،
الأمر الذي كان سيدفعهما إلى الوقوف بحزم أكبر إلى جانب الأسد كأحد الردود على هذا
التصعيد. هذا في حين أن أوباما، بسياسة "إعادة التنظيم" (Reset)، مع موسكو التي أرست، على رغم
عثراتها وثغراتها، فرصاً للتفاهم معها، سيكون قادراً على طرح مسألة دحرجة رأس
الأسد كمدخل وشرط لأي تسوية حكم مشترك (كوندومينيوم) محتملة بين روسيا وأميركا.
ورابعاً، وأخيراً، أوباما لن يحتاج إلى ستة أشهر، كما
رومني، لترسيخ دعائم ولايته الثانية. والتغيير الأساسي الذي يمكن أن يحدث، وهو
احتمال التخلي عن هيلاري كلينتون (كي تتفرغ لمعركة الرئاسة العام 2016)، لن يستهلك
الكثير من وقته. وهذا أيضاً لن يصب في مصلحة الأسد.
-
III -
ماذا يعني كل ذلك؟
إنه يعني أن التوقُّعات القاطعة حول عدم تغيير السياسة
الأميركية إزاء سورية، قد لايكون دقيقاً كثيرا. هو صحيح في خطوطه العامة، لكن بين
تضاعيف هذه الخطوط ثمة الكثير من "التفاصيل".
لكن ماهو تفصيل في معايير الدول الكبرى، قد يكون كل شيء
بالنسبة إلى صغار اللاعبين. وهذا ينطبق كل الانطباق، على سبيل المثال، على مصير
الرئيس بشار الأسد.
سعد
Al Assad is too big for him as the Salaries are still coming from China.
ردحذفAmerican Economy is the Challenge