للاشتراك في المدّونة، لطفاً ضع عنوانك الالكتروني هنا

الأربعاء، 21 نوفمبر 2012

إعادة إعمار سورية عبر استعادة الأموال الأسطورية لعائلة الأسد


أي نظام جديد في سورية سيكون قادراً على النهوض  بسورية واقتصادها مجدداً، إذا ما صادر وأمَّم أصول ومملكات عائلة الأسد الممتدة في داخل البلاد (نحو 80 % من الاقتصاد)، وطارد أموالها الأسطورية في الخارج.

I
أول سؤال يتبادر إلى ذهن كل مايرى مشاهد "الدمار الشامل" الذي يمارسه النظام السوري ضد مدن وقرى  ودساكر بأسرها هو: من أين ستتحصّل سورية على عشرات، بل ربما مئات، مليارات الدولارات للقيام بإعادة الإعمار والنهوض مجددا؟
هذا السؤال قد يبدو في غير أوانه، طالما أن آلة الدمار العسكرية غير المسبوقة في التاريخ، القديم منه والحديث، لاتزال تعيث فساداً وتخريباً في معظم أرجاء الأراضي السورية الشاسعة.
لكن، الأمر ليس على هذا النحو لثلاثة أسباب:
 الأول، أن نظام الأسد آيل إلى السقوط لامحالة، بعد أن تساقطت كل أوراق اعتماده القومية العربية والوطنية السورية والتعددية العلمانية، وبات العنف العاري هو وسيلته الوحيدة (والمستحيلة) للحفاظ على السلطة. وبالتالي، لا بد من وضع خطط إعادة الإعمار من الآن، كي لاتجد سورية نفسها تخرج من أتون الحرب الأهلية لتسقط في لجج الانهيارات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية.
والثاني، أن المعارضة في حاجة ماسة إلى أن تطرح على السوريين نظاما إقتتصادياً بديلاً عن نظام الأسد المستتند إلى سيطرة عائلة ممتدة واحدة على معظم مقدرات البلاد، عبر الرشى والفساد والاحتكارات والتهريب، فضلاً عن سيطرة أجهزة المخابرات على كل شاردة وواردة في قطاعات الاقتصاد السوري.
لكن، من أين يمكن ان تحصل سورية مابعد الأسد على الأموال الضخمة الضرورية لإعادة الإقلاع الاقتصادي وهي لاتحو، كما ليبيا والعراق، على موارد نفطية ضخمة، ولاصناديق سيادة استثمارية؟
II
العديد من الدراسات الدولية، وكان آخرها تقرير مشترك لمؤسستي "ليغاتوم" البريطانية و"معهد فاعلية الدولة" الأميركي، لاترى الحل إلا بإنشاء صندوق استئمان دولي لإعادة إعمار سورية، شبيه بالصناديق العديدة التي انشئت لدول في أميركا اللاتنينية ويوغوسلافيا السابقة في مرحلة مابعد الصراع.
بالطبع، الدعم الدولي لامناص منه. لكن قبل ذلك، وفي إطار إعادة ترتيب البيت الاقتصادي السوري، سنتعثّر على مورد ضخم يتعين العمل من الآن على توفيره: ثروات عائلة الأسد الممتدة التي تشمل عائلة مخلوف وباقي العائلات والأقارب التي تدور في فلكها، بما في ذلك نحو 80 عائلة تجارية سنّية في دمشق وحلب.
الرقم الدقيق لمقدار ثروات عائلة الأسد في الخارج مجهول، لكنه وفق كل المصادر والمعايير فلكي. وهنا نحن نتحدث عن نوعين من هذه الثروات: الأصول الثابتة في سورية، والأصول المالية والاسهم ومئات الشركات الوهمية في الخارج.
النوع الأول، كما يُجمع كل المحللين بلا استثناء، يشمل السيطرة العائلية على معظم الاقتصاد السوري. فصحيفة فايننشال تايمز الرزينة تؤكد أن رامي مخلوف وحده يملك 60 في المئة من إجمالي الاقتصاد السوري في كل مجالات الزراعة، والصناعة، والنقل على أنواعه، والاتصالات على أنواعها، والسياحة.. ألخ. وإذا ما أضيفت إليه العائلات الأخرى التي تدور في فلك الأسد، فسيكون في إمكاننا التحدث عن سيطرة العائلات الحاكمة على أكثر من 80 في المئة من الاقتصاد.
هذه الأصول كلها يجب أن تدخل في حسابات خطط إعادة الإعمار، عبر قيام النظام الجديد بمصادرتها، او تأميمها، أو على الأقل التدقيق في مدى قانونية الحصول عليها. وهذا سيوفّر موارد طائلة لهذه الخطة، ناهيك عن أنه سيخرج البلاد من لعنة "الاقتصاد الرمادي" (grey Economy )  (أي الخفي) الذي فرضه آل الأسد طيلة 40 عاماً، وينقلها إلى الاقتصاد الانتاجي والقانوني الحقيقي.
أما النوع الثاني من أصول آل الأسد، أي في الخارج والتي تصل إلى عشرات عشرات المليارات، وتشمل واردات النفظ السوري منذ 40 عاما التي لاتلحظ في الموازنة، فقد يكون استعادتها أكثر صعوبة بما لايقاس. لماذا ؟ لأن آل الأسد وزعوا معظمها خارج أوروبا وأميركا، في دول مثل روسيا، ودبي، ولبنان، والمغرب، وربما هونغ كونغ، فضلاً عن الملاذات الضريبية الآمنة في العالم. هذا إضافة إلى أن آل الأسد أسسوا مئات الشركات الوهمية في العالم لإخفاء ملكيتهم الحقيقية لهذه الأصول.
الأمر يحتاج إلى قرار من مجلس الأمن الدولي لملاحقة هذه الأموال الطائلة، عبر إجبار الدول المذكورة على الكشف عن الحسابات السورية. ومع ذلك،  المهمة ليست مستحيلة، خاصة إذا ما شعر أرباب النظام بأن النهاية اقتربت، فيحاول كل منهم حينها أن يسترضي المجتمع الدولي للنفاد بجلده، عبر الوشاية عن "مخابىء" زملائه المالية.
ويقدِّر خبير مالي سوري أنه سيكون في الوسع استعادة عشرة مليارات دولار على الأقل، في "الوجبة الأولى" من عملية اصطياد ثروات العائلة.
III
مسألة إعادة إعمار سورية ومعها ثروات عائلة الأسد التي يجب استعادتها، إذا، يجب أن تكون على رأس أولويات المعارضة، ليس غدا بل اليوم والآن. وحين تطرح المعارضة خططها في هذا الشأن ستضرب ثلاثة عصافير في وقت واحد: الأول، إطلاع كل فئات الشعب السوري، وفي مقدمها الطائفة العلوية، على حقيقة السلب والنهب اللذين استند إليهما النظام على حساب جمهرة الفقراء والطبقة الوسطى، والثاني، جعل المواطنين يرون نهاية النفق، من خلال رسم مستقبل اقتصادي- اجتماعي إنتاجي وقانوني و"نظيف"، في إطار نظام ديمقراطي حر يسوده حكم القانون.
أما العصفور الثالث فهو فرص تهاوي التضامن الذي لايزال يشد أعضاء عائلة الأسد الممتدة إلى بعضها البعض، إذا ما شعر هؤلاء بأن المعارضة والمجتمع الدولي  سيكونان بالمرصاد الاقتصادي والمالي (وبالأرقام الموثّقة) لكل من يواصل دعم بقاء هذا النظام.
لقد سقط إلى الأبد العهد الذي كانت فيه سورية ملكية خاصةفعلاً وقولاً لعائلة الاسد الممتدة. بقي أن تتنشط المعارضة لمساءلة ومحاسبة هذه العائلة، ولتعيد سورية إلى كل السوريين,
سعد


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق