سرعة تساقط القواعد العسكرية، وامتلاك الثوار لصواريخ
حرارية مضادة للطائرات، قد يشيان بأن الحرب في سورية دخلت منعطفاً جديدا
|
- I -
طفت على السطح خلال الأسابيع القليلة الماضية تطورات
متلاحقة على الساحة السورية، تشي بأن قدرة النظام على تحقيق هدفه في حسم الأمور
عسكرياً لصالحه قد تضعضعت إلى حد كبير (أو حتى تلاشت)، الأمر الذي يفسح في المجال
أمام مفاجآت قد تقع في أي لحظة في بلاد الأمويين.
أول، وأهم المؤشرات، على هذا التطور، كان نجاح الثوار
السوريين في الاستيلاء على نحو ست قواعد عسكرية دفعة واحدة في طول البلاد وعرضها
خلال الأسبوع الماضي وحده. هذا فضلاً عن القاعدة الجوية 666 جنوب دمشق، وقاعدة
جوية أخرى جنوب غرب حلب يوم الثلاثاء الماضي.
وفي الوقت الذي كانت فيه هذه التطورات تأخذ بعضها بخناق
بعض، أسقط الثوار السوريون طائرة هليكوبتر عسكرية بصاروخ أرض- جو خارج مدينة حلب
الثلاثاء الماضي أيضا. وكان هذا تأكيداً على أن الثوار حصلوا بالفعل على صواريخ
حرارية مضادة للطائرات، إما من مخازن الجيش النظامي الضخمة التي استولوا عليها، أو
من عمليات تهريب الأسلحة التي تجري على قدم وساق من ليبيا إلى سورية على الأرجح
عبر قطر.
وهذا على مايبدو مكَّنهم من تشكيل أول كتيبة صواريخ
مضادة للطائرات الشهر الماضي، تتكوّن من طيارين وعسكريين جويين منشقين. ويقول
مقاتل في دمشق هو محمد معاذ أن "الطيارين المنشقين يدربون الآن الثوار
المدنيين. هذه قفزة نوعية في مسار الحرب، وعما قريب ستسمعون أخباراً عن إسقاط
طائرات الميغ في العاصمة".
- II -
عامل حاسم
بالطبع، حصول الثوار على ترسانة صواريخ محمولة من هذا النوع،
تعتبر حدثاً جللا. وللتذكير: كان قرار الولايات المتحدة بتزويد المجاهدين الأفغان
بمثل هذه الصواريخ خلال حقبة الثمانينيات، العامل الأبرز الذي حسم وجهة الحرب ضد
الأتحاد السوفييتي.
ويقول هنا أندرو تابلر، محلل للشؤون السورية في مؤسسة
واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، أن استخدام الثوار للصواريخ المضادة للطائرات،
"حدث كبير، لكنه ليس مفاجئا". لماذا ؟ لأنه برأيه يؤكد أمرين إثنين:
الأول، أن الأسلحة التي تم الاستيلاء عليها من القواعد العسكرية فعّالة وجاهزة
للاستخدام، والثاني أن ثمة صحة للأنباء بأنه بعد توحيد شعث المعارضة السورية في
الدوحة، بدأت بعض الدول بتزويد الثوار بأسلحة متطورة.
هذه النقطة الأخيرة، أي بدء توريد الأسلحة المتطورة من
الخارج، أثارت بالفعل قلقاً شديداً في إيران، ودفعت رئيس مجلس الشورى الإيراني علي
لاريجاني إلى الإدلاء بتصريح غاضب ينتقد فيه هذا الأمر ويعتبر أنه "يمثّل
مشكلة للسوريين" (يقصد النظام).
- III -
أي معنويات؟
بيد أن التقدم الذي أحزره الثوار على العديد من الجبهات،
وعلى رغم أنه كبير ومحسوس "وقد يكسر الطريق المسدود الذي ساد الحرب طيلة
الاسابيع الماضية" (على حد تعبير "واشنطن بوست- 27-11-2012)، إلا أنه
لايعني أن الأمور حسمت نهائياً لصالح الثوار.
فقوات النظام حققت هي الأخرى تقدماً مؤخراً في مناطق
مناطق في شرق سورية وقرب مدينة حلب،
ولاتزال تحتفظ بقوات ضاربة قوية في دمشق (الحرس الجمهوري).
لكن السرعة التي تتساقط فيها القواعد العسكرية، واعتماد
النظام الكبير الآن على سلاح الجو، تدفع إلى الاعتقاد بأن النواة المقاتلة في جيش
النظام، والتي تتكوّن في معظمها من العلويين، إما أنها باتت مُنهكة، لأنها مضطرة
على رغم محدودية عديدها للقتال على جبهات تمتد على 180 ألف كيلومتر مربع، أو أن
معنوياتها تدنّت بسبب ارتفاع عدد قتلاها وفشلها في تحقيق الحسم العسكري.
وإذا ما كان هذا الافتراض صحيحا (والأرجح أنه كذلك)،
فهذا قد يشرع الأبواب أمام سيناريوهات جديدة تطال هذه المرة بنية النظام السوري،
ومدى قدرته على مواصلة التماسك والإمساك بمختلف وحداته العسكرية، كما المدنية.
سعد
سيناريوهات جديدة
ردحذف