مطالعات
|
كتابان يحذّران من
مخاطر إستبداد الأقلية الغنية بأميركا والعالم
الطريق المضمون إلى..
الجحيم
- I -
طيلة
السنوات التي تلت أحداث 11 أيلول/ سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة، كان السؤال
الذي ركَز عليه كبار الأكاديميين الاميركيين (وفي مقدمهم المؤرخ برنارد لويس) هو :
ماذا حدث خطأ في الحضارة والعالم الأسلاميين؟.
بالطبع،
السؤال لم يكن بريئاً. وهو إستهدف القول أن مشكلة تفجُّر العالم الأسلامي، سببها هذا العالم نفسه وليس السياسات الاميركية حياله. المشكلة، بكلمات أوضح، في الداخل الأسلامي وليس في الخارج الغربي.
لكن
يبدو أن التاريخ أراد ان يلعب لعبته الساخرة مجدداً. فما هي إلا أشهر قليلة على
شعار " ماذا حدث خطأ في العالم
الأسلامي" ، حتى برز شعار مماثل : ما حدث ويحدث خطأ في اميركا نفسها. وهذا
على كل الصعد الأقتصادية والأيديولوجية
والسياسية والأخلاقية !
لكن،
لماذا وكيف؟
- II -
بين
أيدينا كتابين يوفران خريطة طريق تقود إلى بعض الأجابات.
الكتاب
الاول لبول كروغمان ( 1 ). وهو يعالج مسألة أساسية هي أنّ
التفاؤل المفرط الذي ساد الولايات المتحدة في أواخر التسعينيات، حلّ محلّه تشاؤم
مفرط نتيجة "للزعامة الرديئة التي تفتقر الى الصدقية، خصوصا في القطاع الخاص
و في أروقة النفوذ السياسي".
و يعزو المؤلف هذا المأزق الى المشكلات التي انهمرت على
ادارة الرئيس بوش التي تعتبر نفسها قوة ثورية لا يقبل قادتها الخضوع إلى شرعية
النظام السياسي القائم في الولايات المتحدة. أنّهم متطرفون يتنكرون بثياب
الاعتدال. و لذلك يحلل المؤلف نوازعهم على مستوى القضايا الرئيسية التي يعالجون،
خصوصا مسألة الضرائب و خطط الضمان الاجتماعي، التي تقوم، في رأيه، على
"معادلات حسابية مزيفة".
و لى الرغم من كون بول كراغمان كاتباً إقتصادياً محترفاً
و ذائع الصيت، غير أنّه يعّول في الكتاب الذي بين أيدينا، ليس على لغة الأرقام بل
على التحليلات السياسية والتصورات الاجتماعية،
و ذلك لكشف ما يصفه بـ
"الارتكابات" التي تقوم
بها الشركات الضخمة، وأيضا لكشف أسباب صعود و هبوط أسعار الأسهم. وهوي تفحّص
الثغرات في الموازنة الفيدرالية ومستقبل الضمان الاجتماعي الذي سرعان ما تحوّل
الفائض فيه الى عجز لافت للنظر.
كما ينحو
الكاتب باللائمة على الوسائط الاعلامية
المختلفة لافتقارها الى التشكك المهني المطلوب ازاء معالجة مختلف القضايا
الجوهرية، و لفشلها في توخي الدقة حيال القضايا الاقتصادية و التجارية. وفي أيّ
حال، يقارب كراغمان هذه المروحة الواسعة من أكثر القضايا حساسية في الداخل
الأميركي على نحو من توفير الشواهد و الدلائل،
لتعزيز تصوراته حول الفساد المعشش في مجالات الاقتصاد و السياسة و التجارة.
و لكون الكاتب واحدا من أكثر الاقتصاديين أهمية في
الولايات المتحدة و أوروبا و العالم، ناهيك بالصدقية العالية التي يتمتع بها في
الأوساط الأكاديمية في بلده، فقد حقق مؤلفه انتشارا واسعا متجاوزا بذلك سلسلة
الكتب التي تناولت الفضائح السياسية لادارة الرئيس بوش التي صدرت في الأشهر الاثني
عشر الأخيرة و كان لها وقع الزلزال في أوساط النخب الفكرية في الولايات المتحدة. و
هو لايتجاهل أيّا من الفضائح الكبرى التي أثارت لغطا واسعا، منذ أن تولى بوش سدة
الرئاسة في العام ۲۰۰۰، و على رأسها الكواليس السرية لأزمة الطاقة في كاليفورنيا،
وصولا الى الكشف عن سوء الائتمان السياسي
و الأخلاقي لادارة الرئيس بوش و تورط هذا الأخير والمحسوبين عليه، وخصوصا نائبه
ديك تشيني، في فضائح مالية مع شركات ضخمة من بينها "هاليبورتن".
أين
الطريق ؟
و المهم، في هذا السياق، انّ كراغمان لايتردد أبدا في
التأكيد على أنّ الولايات المتحدة، ضلَّت طريقها الأخلاقي و أساءت الى الأجيال
التي ترى فيها قدوة لها. كما يرسم في كتابه ما يسمّى بخريطة طريق تحتاج اليها
السلطة السياسية في واشنطن و الرقابة المالية على الشركات الكبرى لإعادة الولايات
المتحدة الى الطريق القويم. و يستدل على ذلك بالقول انّ ثمة ما يدعو الى الاعتقاد
انّ هيمنة الشركات العملاقة على آلية الأسواق في الولايات المتحدة قد تجاوزت كل
الخطوط الحمر و الخضر، الى درجة انّ هذه الأخيرة أصبحت شبيهة بالشرنقة السوفياتية
التي كان ينسجها الحزب الشيوعي الحاكم في الكرملين.
و يأسف الكاتب لانّ الأميركيين لا زالوا موقنين بانّ زعمائهم
في الحزبين الديمقراطي والجمهوري، هم أصحاب رؤية و مبادئ. و هم ليسوا كذلك في
حقيقة الأمر. و يطرح، في هذا السياق عشرات الأسئلة التي يعجز الأميركيون عن
الاجابة عنها، غير أنّه يسعى الى تحليلها مستنبطا ما قد يشكل تفسيرا لظاهرة الفساد
الشامل في الحياة العامة للولايات المتحدة، من بينها: لماذا يصار الى الاستغناء عن
الموظفين الذين أنهوا العقد الخامس من عمرهم و ليس في سجلاتهم ما يشير الى أيّ
شائبة في ادائهم المهني؟ الجواب ببساطة هو أنّ هذه الوظائف قد تم الغاؤها لأنّها
لم تعد ذات جدوى اقتصادية. و لكن ألا يعتبر اجراء كهذا انتهاكا لحقوق الانسان الذي
يسلخ من عمله و من ثم يلقى به في الشارع؟ لماذا يتمكن المختلسون في شركة (انرون)
، التي سبب افلاسها بأكبر فضيحة مالية
شهدتها الولايات المتحدة في عهد الرئيس بوش، من الافلات من العقاب و هم الذين
أربكوا الاقتصاد القومي و ألحقوا أفدح الأضرار بالمصارف و المساهمين و الأسواق؟
لماذا تقدم الولايات المتحدة على قصف بلدان تصنف مارقة بينما تثبت الدلائل على أنّ
الأسباب التي دعت الى ذلك، واهية فعلا، في وقت تتهم الولايات المتحدة الصين و
كوريا الشمالية و بلدانا أخرى كثيرة بانتهاك حقوق الانسان؟ لماذا يستمر المحافظون
في المطالبة بتقليص حجم الدولة، و مع ذلك يدعمون سياسات الرئيس المالية التي تتسبب
بعجز خطير في خزينة الولايات المتحدة؟ الأسئلة كثيرة في الكتاب، يطرحها المؤلف
دلالة على "اهتراء البنية السياسية الاجتماعية الثقافية في الولايات المتحدة،
و تراجع الهامش الأخلاقي لدى أولئك الذين يدعون انّهم يتولون مسؤولياتهم على أكمل
وجه".
- III -
الكتاب
الثاني هو لايمي تشوا ( 2 ) .
تتساءل الكاتبة
في مطلع الكتاب عمّا اذا كان يحقّ لأميركيين كثر أن يعتبروا انّ اطلاق الحوافز
للأسواق في ظل من التوافق العالمي على حرية التجارة و الاستثمار، من شأنه أن يسفر
عن تحسن جذري للأوضاع الاقتصادية على الساحة الدولية، وعن إنسجام داخلي في كل من
الدول التي تعتمد هذه النظرية الاقتصادية، و تعاون واسع بين الديمقراطيات، قديمها
و الجديد ؟
و تجيب عن هذا التساؤل بسؤال آخر، مغزاه أنّه هل تؤدي
الأسواق المفتوحة و الحوافز الشعبية، على هذا الصعيد، الى حركة ارتجاعية يمكن
استخدامها لتبرير التسلط من قبل قلةّ متنفذة؟ وتضيف أنّ الأسواق المفتوحة واسعة
النطاق، في حال جرى تقديمها، على نحو طائش وعشوائي، كما هو الحال في معظم الأحيان،
قد تشكل سببا يبعث على تفاقم الكراهية بين مختلف الجماعات، اضافة الى العنف
المذهبي و العرقي في العالم الذي يقع خارج دائرة الديمقراطيات الغربية.
و تؤكد الباحثة أنّه في خضم السعي الى تبني مفهوم
ديمقراطية الأسواق الحرة بوجود أقلية تهيمن على الأسواق، فانّ النتيجة المتوقعة،
على الأرجح، في هذا المجال، تتمثل في حركة ارتجاعية لا محالة. و تتجسد هذه الأخيرة
في واحد من أشكال ثلاثة: أولها نزعة عنيفة ضد الأسواق تستهدف، بالدرجة الأولى،
ثروات الأقلية المهيمنة. و ثانيها حركة عنيفة ضد الديمقراطية يقوم بها أولئك
المستفيدون من هيمنة الأقلية على الأسواق المفتوحة. و ثالثها، نشوء العنف الذي
يتخذ أحيانا شكل الابادة الجماعية، و هو موجَّه، على نحو رئيسي، ضد الأقلية
المهيمنة على اقتصاد الأسواق المفتوحة.
و في أيّ حال، تجتهد هذه الدراسة في اضاءة جوانب واسعة
من النماذج العالمية على مستوى ممارسة العنف من دون أيّ محاولة للتقليل من أهميتها
أو تبسيطها بشكل يدعو الى الابتزال. ولذلك، تسعى الكاتبة الى الكشف، بجرأة كبيرة
تثير الدهشة، عن المرتكزات الاثنية للسياسة الدولية، توصلا الى التعبير عن قناعة
تشير الى أنّ الاستراتيجيين الاميركيين الذين يخططون، على مستوى العالم ككل، و
نظرائهم الذين يناقضون هذه التوجهات الكونية، يتغافلون عن الأبعاد الاثنية للتفاوت
الواسع في الأسواق التجارية المفتوحة في العالم، و يركزون انتباههم فقط على الصراع
القائم بين الطبقات الاجتماعية أكثر منه الصراع بين الاثنيات.
مهما يكن، فانّ الكتاب لن يكون مستساغا من قبل أولئك
الذين يرغبون في اقامة أنواع من الأسواق المفتوحة على طريقة الديموقراطية
الأميركية. ذلك انّ المؤلفة تحاول أن تضع ضوابط أو حدودا لنقاش كهذا يقوم على
اظهار التأثيرات الجانبية الضارة لعملية تحرير الأنظمة الاقتصادية و تطوير الأنظمة
السياسية في اتجاه الابتعاد عن حكم الفرد. و هي تدعو، في هذا الاطار، الى دق ناقوس
الخطر نتيجة للأبعاد المأسوية أو المدمرة التي قد تنتج عن تغيير طبيعة هذه الأنظمة
الاقتصادية على طريقة الليبيرالية الأميركية، ما لم يجر ارشادها أو استيعابها، أو
على الأقل، التمهيد لهذه النقلة النوعية بكثير من الحذر و الشفافية، خوفا من أن
تتحول هذه المجتمعات فعلا الى جحيم قد تمتد نيرانه على الساحة الدولية برمتها.
__________________________________________________
(1) : الكشف الأكبر-
ضللنا طريقنا في القرن الحادي و العشرين .
الكاتب: بول كراغمان . الناشر: W.W.
Norton & Company
( 2 ) الجحيم الكوني.
ايمي تشوا . الناشر Doubleday
One can support your Article Mr Mehio, and from practical front- line where I am, the 5 Star Living of those 1% Minority is Hill by it Self, Womanizing, Drags, Alcohol, Sleaze and Money Thieving, But to the is Heaven as Hill is empty and the are on earth supported by scum leaders like them
ردحذف