-
I -
نصر الله أمام الخيار الأخير (الصورة من غوغل |
استقالة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، ومعها الأزمة السياسية
والخلط الشديد في الأوراق اللذين رافقاها، ستضع حزب الله أمام خيارين متناقضين من
"التخندق":
الأول، هو ترك الأزمة السياسية على الغارب، والتركيز على
المسألة الأمنية، عبر استكمال سيطرته على المؤسسات العسكرية وفي مقدمها فرع
المعلومات المهم في قوى الأمن الداخلي. وأيضاً عبر التكشير عن أنيابه الأمنية في
الداخل اللبناني، في خضم مواصلة اندفاعته الراهنة الداعمة عسكرياً للنظام السوري.
والثاني، هو التخندق السياسي. أي "لبننة" نفسه
والعمل على تحصين مواقعه الإقليمية، من
خلال إبرام صفقة داخلية سياسية وطنية تكون له بمثابة بوليصة تأمين ضد الاعتصار
الإقليمي الهائل الزاحف نحوه من كل جانب.
-
II -
لكل من هذين "التخندقين" منطقه ومبرراته.
فالتخندق الأمني تمليه التطورات المتسارعة التالية على
الصعيد الإقليمي:
- الانقلاب الاستراتيجي الاخير الذي وُلِد من رحم
المصالحة التركية- الإسرائيلية الأخيرة، والذي سيقلب المعادلات الإقليمية في الشرق
الأوسط رأساً على عقب. وهذا ماقد يتجلى سريعاً خلال الأيام والأسابيع القليلة
المقبلة في سورية، التي يبدو أنها شكّلت الدافع الأول للمصالحة بين هاتين القوتين
الإقليميتين الكبيرتين.
وفي حال تحقق "الوفاق" التركي- الإسرائيلي
سريعاً حيال سورية مابعد الأسد (وهو مايبدو فعلاً في الأفق)، فسيجد حزب الله نفسه
مكشوفاً تماماً استراتيجياً، وسيكون بالفعل الهدف الثاني لهذا الوفاق بعد نظام
الأسد، في حال قرر مواصلة السباحة مع الرئيس السوري الغارق.
- إضافة إلى بعث الوفاق التركي- الإسرائيلي من رقاده،
هناك جهود مكثفة الأن لإعادة إطلاق المحور الأردني- التركي- الإسرائيلي، الذي كان
(إضافة إلى مصر السادات- مبارك) دعامة كل الباكس اميريكانا في الشرق الأوسط.
وبالطبع، إذا ما أطبق هذا المحور بشكل مشترك على سورية، فيما تنجح أميركا في منع
عراق- المالكي من مواصلة تمرير المساعدات الإيرانية إلى الأسد عبر أجوائه (كما
حاول جون كيري أمس في بغداد)، فإن أيام الأسد ستكون بالفعل معدودات.
وحينها، سيتعيّن على حزب الله أن يحسم أمره نهائياً: هل
سيقف أم لا إلى النهاية مع نظام الاسد بعد السقوط أو الانهيار المتوقع للنظام في
دمشق، من خلال الاستراك معه في إقامة دويلة علوية في الساحل السوري، تكون لها
امتدادات جغرافية في الجغرافية الشيعية اللبنانية؟
-
III -
هذا عن التخندق الأمني.
أما منطق التخندق السياسي فهو يقوم على أن الحل الأمني
للحزب سيكون انتحاراً حقيقياً وعلى كل الصعد، خاصة وأن من محصلاته مشاركة الحزب في
تقسيم سورية وفي إقامة دولة علوية سيكون راعيها الحقيقي إسرائيل وليس إيران بسبب
دواعي الجيوسياسة والأمن والأكلاف الاقتصادية.
هذا الخيار، الذي يمكن أن يتجسّد سريعاً في حكومة وحدة
وطنية حقيقية، تنأى بالنفس حقيقة عن الأزمة السورية وتبلور إعلان بعبدا- 2
الوفاقي، سيضع الحزب عملياً في كنف الحماية الدولية الراهنة للكيان اللبناني بدل
أن يكون في عين عاصفة النظام السوري المنهار، وسيوفّر في الوقت نفسه للحزب فرصة
إعادة تشكيل النظام السياسي اللبناني بما يتطابق مع انجازات الطائفة الشيعية خلال
العقود الثلاثة الأخيرة.
على أي الخيارين ستقع قرعة الحزب اللذين، كما هو واضح،
خيار واحد في الواقع بين اللبننة أو الانتحار؟
يُقال أن ثمة انقسامات عميقة داخل الحزب حول هذه المسألة.
ويُقال أيضاً أن هذا الانقسام موجود أيضاً في طهران، حيث يخشى العديد من المسؤولين
الإيرانيين أن يؤدي استمرار سباحة حزب الله مع سفينة الأسد الغارقة، إلى خسارة أهم
انجازات السياسة الخارجية للثورة الإسلامية الإيرانية: حزب الله نفسه، ومعه النفوذ
الإيراني داخل الطائفة الشيعية اللبنانية.
وإلى أن يبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود في هذه
التمخضات داخل الحزب، والتي أدت ليس فقط إلى إرجاء مؤتمره العام بل أيضاً إلى
إحداث شرخ جديد بين شيعة الجنوب وشيعة البقاع، سيبقى حزب الله معلقاً في الهواء في
منزلة بين منزلتي البقاء أو الانتحار.
سعد محيو- بيروت
One is to be surprised that the fire work has not yet started as the time now starting to be against their strategical Strength
ردحذف