- I -
"ليس ثمة
إنسان عاقل قد يصّدق الكلام المجنون لرئيس الاساقفة الكاثوليك فرنشيسكو شيمولو في
موازمبيق".
هكذا تحدث مسؤول بارز
في الإتحاد الاوروبي، رداً على تصريح أدلى قبل قبل سنوات .
يوجينيكس: تحسين الاجناس أم إبادة الملايين؟( اللوحة من غوغل |
رئيس الأساقفة جن ؟ لماذا ؟ ماذا فعل؟
إنه، على ما يبدو، نطق بالكلام المحّرم الذي لا يسمح
بالتداول به إلا في الغرف المغلقة ومعزولة الصوت والضوء: ثمة مؤامرة للقضاء على كل
الشعوب الإفريقية السمراء، بهدف تسهيل إستعمارها من قبل العرق الأبيض.
رئيس الأساقفة لم يكتف بذلك، بل ألقى المزيد من الوقود
على هذه القضية الملتهبة أصلاً، حين اكد انه يمتلك معلومات موثَقة تتعلق بدولتين
أوروبيتين تقومان بحقن الواقيات الذكرية بالفيروس المسبب لمرض الأيدز ( HIV) الهدف : إستكمال قتل الأفارقة
بالفيروسات التي تكاد تبيد أجيالاً بأكملها في القارة السوداء، خاصة في موزمبيق
وجنوب إفريقيا.
لكن يبدو أن شيمولو لم يكن الوحيد في مثل هذا "
الجنون ". فقبل أيام من هذا التصريح- القنبلة، كان رئيس جنوب إفريقيا ثابو
مبيكي يشكك في المعلومات الغربية التي تتحدث عن وجود صلة ما بين فيروسة ال(HIV) وبين مرض نقص المناعة، ويبدي إعتقاده
بأن العقاقير الغربية المضادة لهذا الفيروس " أكثر تسميماً من مرض الأيدز
نفسه".
- II -
ما هذا الذي نسمع؟ إبادة شعوب بأكملها عبر نشر
الأوبئة والأمراض الفتاكة؟
صّدق أو لا تصدق. لكنها الحقيقة. وهي حقيقة لها تاريخ
طويل وعريق. فمنذ أن صك العالم الإنكليزي السير فرانسيس غالتون تعبير " علم
تحسين الأجناس "(EUGENICS) العام 1883، كان العلماء والساسة والعسكريون
الأوروبيون يتسابقون على تحقيق هدفين متلازمين إثنين: تنقية وتطوير العرق
الأبيض " المتفّوق "، وتدمير
وإبادة الأعراق الأخرى المتدنية، والتي تشمل الأعراق غير البيضاء كافة، إضافة إلى
البيض الذين يعانون من الأمراض الموروثة او التخلف العقلي.
الأب الروحي لحركة تحسين النسل كان توماس روبرت مالتوس
الذي ولد في بريطانيا أيضاً العام 1766 ،
والذي أستولد تشارلز داروين من فرضيته
السكانية، نظرية " البقاء للأصلح
". مالتوس كان مهووساً بالقضاء على " العناصر المنحطة "( الفقراء
أساساَ) من السكان، وهو إقترح سلسلة إجراءات ضدها لمنعها من السيطرة على العناصر
المتفوقة. ففي " المقالة" ،
وهي أفضل
اعماله، إضافة إلى نظرية زيادة السكان عبر المتواليات الهندسية( 2، 4 ، 8 ، 16 ..
الخ)، دعا مالتوس إلى جعل شوارع الأحياء الفقيرة أضيق بكثير وتكديس الناس في
المنازل لتسهيل إنتشار الاوبئة. كما دعا إلى بناء القرى قرب المستنقعات الآسنة،
وإلى حجب الادوية والعقاقير عن الفقراء، وأيضاً إلى " قتل الأطفال " !
قال : " كل الأطفال الذين لا نحتاج إليهم للحفاظ على العدد المطلوب من السكان
يجب أن يقضوا نحبهم بالضرورة".
المالتسيون وزعماء حركة اليوجينيكس عقدوا في الفترة ما
بين العامين 1905 و1933 مؤتمرات عدة في اوروبا وأميركا بمشاركة وتمويل أسماء شهيرة
مثل أفريل هاريمان وروكفيلر، أسفر بعضها عن تأسيس مختبرات سرية وعلنية لتحسين
النسل البشري. وفي المؤتمر الدولي لليوجينيكس الذي عقد في نيويورك العام 1932، تم
التطرق إلى " مشكلة " تزايد اعداد الأفريقيين الأميركيين والأعراق
" الدنيا " الأخرى، وتقرر ان
الطريقة الوحيدة للتعامل مع هذا " الخطر" على " الاجناس العليا، هو
" تعقيم وقطع دابر الأعراق الخفيضة ".
التتويج العملي لحركة اليوجينيكس كانت مع أدواف هتلر ومع
نظريته حول العنصر الآري المتفوق التي دشّنت مرحلة الأبادات العنصرية الجماعية في العالم.
وقد كان يفترض أن تشهد هذه الحركة نهايتها مع نهاية هتلر. لكن ما حدث انها بدل أن
تنقرض بعثت من جديد تحت مسمى جديد: السيطرة على زيادة عدد السكان. ( POPULATION CONTROL).
من يقف وراء هذه الحركة الجديدة؟ وما طبيعة عملها؟ وهل
هي حقاً وراء الإبادة بالأوبئة التي تتعرض لها الشعوب الإفريقية الان ؟ ابحث عن
حركة اليوجينكس.
- III -
ما ان أعطى أودولف هتلر حركة " اليوجينيكس " ( تحسين النسل)
هذه بعدها العنصري الدموي الكامل عبر
الإبادات الجماعية، حتى بادرت هذه الحركة
بعد نهاية الحرب العالمية الثانية إلى تغيير جلدها لتحسين صورتها. وهكذا ولدت حركة
" السيطرة على السكان "، والتي لا تختلف في شيء في الواقع عن
اليوجينيكس.
من يقف وراء الحركة الجديدة؟
القوى نفسها التي دعمت وأسست
الحركة القديمة، والتي دعت إلى خلق العرق الأبيض المتفوق والحفاظ على نقائه
العنصري، وإلى تعقيم أو تدمير الأعراق الأخرى عبر الأمراض والأوبئة والحروب
الأهلية.
أفريل هاريمان وآل روكفيلر وبريسكوت بوش( جد الرئيس جورج بوش) ووليام دريبر، كانوا من أبرز ممولي حركة
اليوجينكس. ونسلهم هو الأن أبرز داعم لحركة تحديد النسل وخفض عدد الجنس البشري
بمعدل ملياري نسمة. هذا الأخير (دريبر)
عمل في إدارة الرئيس أيزنهاور في الخمسينات، وهو أوصى في وقت مبكر بضرورة
" إفراغ الدول الفقيرة( غير البيضاء) من سكانها. لماذا؟ لأن النمو السكاني
لهذه الدول التي تضم ثلثي العالم يشَكل، برأيه، "تهديداً للأمن القومي
الأميركي ".
في العام 1968 أسس نسل هؤلاء الرواد بزعامة الماسوني الإيطالي اوريليو بيشي
وتمويل آل روكفيلر " نادي روما "، الذي أصدر العام 1972 تقريره الشهير
" حدود النمو "، ثم تقرير " غلوبال 2000 "، اللذين وضعا
قناعاً إنسانياً- علمياً على الوجه البشع لحركة اليوجينيكس. أحد واضعي هذا التقرير
الأخير كان وزير الدفاع الأميركي الأسبق روبرت ماكنمارا، الذي أعلن بوضوح أن
" العامل الأكبر الذي يجب أن يحَرك السياسة الخارجية الأميركية هو زيادة عدد
سكان العالم، لان تهديد الزيادة غير المسيطر عليها يشبه كثيراًُ تهديد الحروب
النووية " " . هذا في حين كان زميله زبغنيو بريجنسكي، عضو نادي روما،
يطالب صراحة بوقف قسري للنمو السكاني في
العالم الثالث.
لكن، كيف يمكن تحقيق هدف خفض سكان العالم( الثالث ") ؟ بالإقناع، إذا
ما امكن، لدفع الدول الفقيرة إلى تقليد الصين في فرض برنامج الطفل الواحد لكل
أسرة. بالقوة إذا ما تطلب الامر، ليس فقط
عبر نشر الأوبئة والأمراض الفتاكة وتلويث المياه والتلاعب بالجينات، بل أولاً
وأساساً عبر الحروب بشكليها الأهلي والعام.
في أوائل السبعينيات، طلب هنري كيسنيجر من مكتب الشؤون السكانية في وزارة
الخارجية الأميركية إعداد دراسة عن
الديموغرافيا في جنوب\ وسط أميركا وأفريقيا. وهذا التقرير كان في أساس هندسة
" الحروب الأهلية "في دول وسط أميركا وإفريقيا، والتي تسببت بمجاعات
وإبادات ومعاناة تفوق الوصف. وفي اوائل
السبيعنيات أيضاً، كانت القيادة الاميركية تعَين جنرالين عضوين في " لجنة
درايبر للأزمة السكانية"، هما ماكسويل تايلر ووليام ويستمورلاند، قائدين
للقوات الأميركية في فيتنام. وقد قام
الجنرالان بما هو مطلوب منهما " سكانياً " : إستخدام "السموم البرتقالية " واليوارنيونم المخصَب للقضاء على ظروف الحياة
في العديد من المناطق الحرجية الفيتنامية، وتسهيل عمليات الإبادة الجماعية سواء عن
طريق القصف الأميركي، أو من خلال إستخدام عناصر كالزعيم الكمبودي بول بوت الذي
أباد ربع شعبه تقريباً.
* * *
رئيس الأساقفة الكاثوليك في موزاميبق فرنشيسكو شيمولو ورئيس جنوب إفريقيا ثابو مبيكي ، إذاَ، لم يكونا" مجنونين " حين تحدثا عن
مؤامرة لإبادة كل الشعوب الإفريقية، ومعها العديد من الشعوب الأخرى في العالم
الثالث. فالهدف واضح وكبير: إخلاء هذه المناطق من سكانها السمر لإعادة إستعمارها
من البيض والإستئثار بمواردها الطبيعة من جديد، وخفض عدد سكان العالم الثالث إلى
النصف تقريباً.
ويقولون بعد ذلك أن ادولف هتلر هو المجرم الأبرز في التاريخ الغربي الحديث.
مسكين أدولف!
سعد محيو
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق