-
I -
هل صحيح أن جولة الرئيس الأميركي أوباما التي بدأت اليوم
في الشرق الأوسط "لاطعم لها ولارائحة"، عدا تلاوين "الحج" إلى
الأراضي المقدسة؟
" الحاج أوباما" في إسرائيل: ماذا وراء الأكمة؟ (الصورة من غوغل" |
هذا الرأي رائج بكثافة، ليس فقط في إسرائيل والضفة
الغربية والأردن التي سيزورها أوباما، بل حتى في الداخل الأميركي الذي يعتبر (على
رغم التأييد الكاسح لإسرائيل فيه) أن الأولويات الداخلية الأميركية أهم حتى خطب ود
اليهود الإسرائيلييين.
ومما قد يفاقم من انطباع "اللاطعم
واللارائحة"، أن الرئيس الأميركي سيمضي قدراً جيداً من الوقت في زيارات
سياحية تشمل قبر تيودور هيرتزل، مؤسس الحركة الصهيونية، والمتحف المتضمن وثائق
البحر الميت، وجامعة إسرائيلية حيث سيلقي خطاباً هناك (وليس أمام الكنيست).
وتعتقد فايننشال تايمز أن جولة أوباما ستركّز بالدرجة
الأولى على فتح أقنية إتصال وتواصل مع اليهود الإسرائيليين الذي يعتقد معظمهم أنه
"لايحب الدولة العبرية"، إلى
درجة أن 10 في المئة منهم فقط رحبوا بزيارته.
-
II -
حسنا. كل ذلك صحيح.
لكن، ومهما كانت نتائج هذه الزيارة سلبية في مايتعلق
بالتسوية الفلسطينية- الإسرائيلية والصراع العربي- الإسرائيلي العام، إلا أنها
لابد أن تتضمن حيثيات استراتيجية حول مستقبل التحالف الأميركي- الإسرائيلي، خاصة
في ضوء منحى "الاتجاه شرقاً نحو آسيا/الباسيفيك( Pivot) الذي تبنته إدارة أوباما، والذي
سيتطلب تقليص الأعباء الأميركية في الشرق الأوسط وزيادة مساهمات حلفائها
الإقليميين فيها، خاصة تركيا والسعودية، إلى جانب إسرائيل.
بكلمات أوضح، سيكون على جدول أعمال مباحثات أوباما-
نتنياهو مسألة تحديد الدور الإسرائيلي في هذا التوجّه الجديد، سواء في إطار
العلاقات مع تركيا الأطلسية أو في سياق السياسات إزاء إيران.
في النقطة الأولى، يتوقّع أن يضغط أوباما لإصلاح ذات
البين بين أنقرة وتل أبيب، لأن التنسيق بين هذين الطرفين سيكون ضرورياً للغاية على
المدى القريب لملء أي فراغ قد تتركه الاستدارة الأميركية نحو أسيا.
أما في النقطة الثانية، فسيكون على أوباما إقناع نتنياهو
بأنه مايريده هذا الأخير حرباً، وهو ضعضعة النظام الإيراني ووقف برنامجه للتسلح
النووي، يمكن تحقيقه سلماً عبر الخنق الاقتصادي والتدمير الاستراتيجي لمواقع نفوذه
في المنطقة العربية.
وهنا ستطل الأزمة السورية برأسها، بصفتها إحدى الوسائل
الرئيسة لـ"إعادة الذئب" الإيراني إلى داخل حدوده حيث قد يختنق بأنفاسه
(وفق تعبير ميترنيخ عن نابليون). لكن عملية الاقناع ستكون هنا معكوسة: إذ يتوقع أن
يواصل نتنياهو رفض إسقاط نظام الأسد بعد أن أمضيا معاً 40 سنة في سرير زوجي ناجح، وأن
تشديد رامي مخلوف على ترابط أمن إسرائيل بأمن النظام السوري الراهن لايزال صحيحا؛ فيما
سيحاجج أوباما بأن الضرورات الإيرانية من وراء إطاحة الأسد تفوق المحظورات
الإسرائيلية الخاصة بخسارة حليف غير معلن ولكن موثوق،.
-
III -
ماذا تعني كل هذه المعطيات؟
إنها تعني، بوضوح، أن جولة أوباما الشرق أوسطية لن تقتصر
فقط على العلاقات العامة، والجولات السياحية، والزخارف الإعلامية، بل ستكون لها
أبعاد استراتيجية ستظهر نتائجها في وقت قريب.
لا بل أكثر: التركيز المتوقّع للرئيس الأميركي على وقوف
بلاده إلى جانب الإسرائيليين في تصديهم لمخاوفهم الأمنية الجديدة في المنطقة،
سيكون في الواقع تمهيداً سايكولوجياً لما هو استراتيجي: إعادة رسم خريطة النظام
الإقليمي الشرق أوسطي، في إطار سياسة الاستدارة شرقا.
وفي مثل هذه الخريطة، ينتظر أن يبقى دور إسرائيل بارزاً،
وواضحاً، وكبيرا.
سعد محيو
The Arab's Leadership Gap & Power Vacuum is making thinking that they are strong
ردحذف