للاشتراك في المدّونة، لطفاً ضع عنوانك الالكتروني هنا

الجمعة، 25 يناير 2013

الحقيقة وهم، والماضي والحاضر والمستقبل سراب!

الأصدقاء: وقع خطأ مطبعي "نبيذي" في مقال الامس حول البحرين في الصفحة الأولى: بدلاً من "نبيذ جديد في زجاجات قديمة" الصحيح هو "نبيذ قديم في زجاجات جديدة"، فاقتضى التنويه(وشكراً للأستاذ محمد جاسم الذي لفتنا إلى ذلك).
--------------
الكل في الجزء، الجزء في الكل(الصورة من غوغل


- I -
التعبير جميل بما فيه الكفاية: ثورة الاتصالات الثالثة حوّلت العالم إلى قرية واحدة.
لكن، ماذا لو كان الكون كله، او الوجود كله، قرية واحدة أو حتى ذرة وخلية واحدة؟ ألن تكون الصورة أجمل بما لايقاس؟.
هذه الفكرة انبثقت حين تسنى لنا إعادة قراءة أعمال العالم الفيزيائي ديفيد بوهم، الذي قد يكون واحداً من قلة في التاريخ توصلت إلى الحقيقة بأنه لاحقيقة موضوعية في العالم المادي الذي فيه نعيش، بل نحن غاطسون في وهم داخل وهم.
التشبيه الذي قدّمه بوهم لتوضيح نظريته كان التالي:
"تخيّل أن هناك حوض سمك (أكواريوم) فيه سمكة واحدة فقط. وتخيّل أيضاً أنك لاتستطيع أن ترى الاكواريوم مباشرة، بل فقط عبر كاميرتين تلفزيونيتين الأولى مثبّتة قبالة الأكواريوم والثاني إلى جانبه. حين تحدق بشاشتي التلفزيونيين ستعتقد أن هناك سمكتين قادرتين على التواصل في ما بينهما لأنهما تتحركان بشكل مماثل تقريباً. فحين تستدير أحداهما تقوم الأخرى باستدارة مماثلة وإن مختلفة قليلاً (بسبب اختلاف زاويتي الكاميرتين). وإذا لم تُدرك الصورة الكاملة لما يجري في الأكواريوم، فقد تستنتج أن ثمة سمكة تتصل بشكل فوري وآني بسمكة أخرى. لكن هذه ليست الحقيقة بالطبع.
بعد هذا المثل البسيط، يصدح بوهم بالرأي المُعقّد والخطير: الحقيقة الموضوعية لاوجود لها. وعلى رغم مانراه من كونٍ يبدو صلداً، إلا انه في الحقيقة وهم كبير. إنه ليس إلا "هولوغرام" واحد يتضمن كل شيء وكل الاحتمالات.
الهولوغرام، كما هو معروف، صورة ثلاثية الأبعاد يتم صنعها بواسطة اللايزر. وعجائبيتها لاتكمن في هذا البعد الثلاثي وحده، بل في أن كل قسم منها مهما صغُر حجمه يتضمن الصورة الكاملة. فإذا ماكانت الصورة لوردة، مثلاً، فإن قيامنا بقطع الصورة إلى نصفين لن يعطينا نصف وردة كما في الصور العادية بل وردة كاملة. وهذا الوضع سيستمر حتى لو قطعنا الصورة إلى فتات صغيرة بحجم الميليمتر، إذ سيتضمن كل جزء منها صورة الوردة كلها.
- II -

بوهم يُشبّه الكون بصورة الهولوغرام هذه . فهو يُطلق على الكون وصف "الكون الهولوغرامي"، حيث أن كل جزء فيه يتضمن الكل، وحيث حتى الماضي والحاضر والمستقبل، كما المكان، موجودون كلهم في "إناء واحد" كالأكواريوم، ويتصلون ببعضهم البعض اتصالاً لافكاك فيه.
مانراه من أنا وأنت وهُم، مجرد وهم. وكل الأجزاء في الكون ماهي إلا وهم يخلقه تفسير خلايا دماغنا البشري المولع بتقسيم الأشياء وتجزئتها. فالكل موجود في الجزء، والجزء موجود في الكل.
نظرية بوهم هذه حظيت بدعم ثمين مع فيزيائي آخر هو ألان اسبينكت، الذي أجرى مايمكن وصفه بأنه أهم اكتشاف في أواخر القرن العشرين، قمين بتغيير وجه العلم برمته. فقد اكتشف هو وفريقه أنه في ظروف مُعيّنة تكون الجزئيات ماقبل الذرية قادرة على التواصل الفوري مع بعضها البعض، بغض النظر عن المسافة التي تفصل بينها. فلا يهم ماإذا كانت الجزيئيات على بعد 10 أمتار أو 10 بلايين متر، إذ أن كل جزيء فيها يبدو دوماً أنه يعرف ماذا تفعل الأجزاء الأخرى.
هذه التجربة  أثارت جدلاً كبيراً في الأوساط العلمية، لكن محصلاتها صبّت في النهاية في مصلحة كون بوهم الهولوغرامي.
كيف؟

                                                                                سعد محيو

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق