- I -
أقل مايمكن أن يقال عن زيارة أمير قطر، الشيخ حمد بن
خليفة آل ثاني، لقطاع غزة، أنها كانت إنقلاباً جيو- سياسياً بامتياز ووفق كل
المعايير.
امير قطر في غزة: انقلاب جيوسياسي(الصورة من غوغل |
فهذه الزيارة، التي فتحت خلالها قطر خزائن بترودولاراتها
لإعادة إعمار غزة عبر ضخ 400 مليون دولار فيها كـ"دفعة أولى"، أعطت التنافس،
أو الصراع، أو التسابق (سمّه ما شئت) بين جماعة الإخوان المسلمين وبين التيارات
السلفية بقيادة المملكة السعودية، بعداً إضافياً وخطيراً في آن.
هو بعد إضافي، لأن التوتر بين إسلام الأخوان المسيَّس
وبين إسلام دول الخليج التي تطبق صيغة الطاعة لـ "أولي الأمر"، بدأ منذ
اللحظة الأولى لاندلاع ثورات الربيع العربي، حيث وقفت هذه الدول (عدا قطر) إلى جانب
الرئيسين مبارك وبن علي ضد أخوانها الإسلاميين في كلا القطرين. لكن ماهو جديد الآن
هو أن الزيارة والأموال القطرية فتحت الباب على مصراعيه أمام انتقال التنافس أيضاً
إلى أرض أقداس القضايا العربية والإسلامية: القضية الفلسطينية.
وهو خطير لأن الأموال القطرية هدفها ليس فقط فك الحصار
عن القطاع، بل تحويله أيضاً إلى قاعدة اقتصادية مزدهرة. وهذا يحدث فيما اقتصاد
الضفة الغربية يتراقص على شفير الانهيار مع تقلّص الدعم الخارجي له من نحو 1،3
مليار دولار سنوياً إلى 650 مليون دولار الآن.
وإذا ما أضفنا إلى الدعم المالي القطري الدعم السياسي
والاستراتيجي المصري المتوقع، والذي قد يتوَّج هو الآخر بزيارة محتملة للرئيس مرسي
إلى القطاع، لربما توصلنا إلى استنتاج بأن جماعة الإخوان وحلفائها القطريين وغيرهم
قرروا القيام بهجوم مضاد لذلك الذي قام به من أكثر من سنة منافسوهم السعوديون حين
أغرقوا التيارات السلفية بمئات ملايين الدولارات. وهم اختاروا فلسطين للقيام بذلك
لأنها نقطة الضعف الرئيس، دينياً وعاطفياً واستراتيجياً، في جبهة الخصم.
-
II -
مضاعفات هذا الحدث الكبير ستتوالى تباعاً.
صحيح أن ردود فعل فتح، المدعومة سعودياً وإماراتياً
وغربياً، ، وكذلك رد الفعل الإسرائيلي الذي ترجم تفسه في شكل غارة جوية على غزة
بعد ساعة واحدة من مغادرة حمد للقطاع، لم تتأخر بالصدور، لكن الأهم سيكون رد فعل
السعودية والإمارات.
فأبو ظبي، عبر وزير خارجيتها الشيخ عبد الله وقائد شرطة
دبي ضاحي خلفان، أعلنت، ولاتزال، الحرب صراحة على جماعة الإخوان، وحثّت دول الخليج
الأخرى على تشكيل جبهة موحّدة ضدها. وعلى رغم أن الرياض لم تصل إلى هذه المرحلة
(طبقاً لتكتيك الدبلوماسية السرية والصامتة الشهير)، إلا أنها كانت تنظر بعين
العطف إلى هذه الحملات الإماراتية التي امتدت مؤخراً لتشمل "انتفاضة"
الإسلاميين في الكويت.
والآن، وبعد هذا التحوُّل الجيو- سياسي الكبير الذي
دشنته زيارة أمير قطر لغزة، سيعمد الطرفان حتماً إلى فتح خزائنهما هما أيضاً أمام
فتح المُفلسة، وسيخوضان "سباق تسلح" مالياً مع قطر فوق الأرض
الفلسطينية، وسباقاً آخر "استراتيجياً" لمنع سقوط القضية الفلسطينية
برمتها في حضن الإخوان.
لقد رأى المحلل في مجموعة الأزمات الدولية ماثان ثرول أن
"الرسالة التي تريد حركة حماس أن تطلقها (بعد الزيارة القطرية) هي "أننا
نحن المستقبل، فيما السلطة الفلسطينية تتحلل. وهذا يعني التوجّه نحو بناء نموذج
غزة ليحل مكان نموذج أريحا، اقتصادياً وسياسيا".
حماس ، ومعها قطر ومصر وتونس- النهضة، تريد أن تكون غزة
نموذجاً لنجاحات الأخوان لا مقبرة لطموحاتهم وجداول أعمالهم. وهذه ستكون معركة
كبرى في المنطقة سيشارك فيها الجميع، بسبب السمة الرمزية الكبرى التي تمثلها
فلسطين لكل التيارات الإسلامية على اختلاف تلاويينها ومشاربها وارتباطاتها.
-
III -
لقد فجَر أمير قطر قنبلته الجيو- سياسية، وأطلق رسالة
قوية إلى جيرانه السعوديين والإماراتيين حول المدى الذي يمكن أن يذهب إليه في دعم
الإخوان المسلمين في كل المنطقة. وإذا ما لحقه بالفعل الرئيس مرسي وقيادات أخرى
إلى غزة، فستتحول فلسطين إلى "خط التماس" الأول بين الأخوان والسلفيين
في الشرق الأوسط.
سعد
He is only doing what the Americans say and Gaza People are not to be blamed as they are in an open Prison
ردحذف