مؤتمر المعارضة السورية في القاهرة( انترنت)
التاريخ يبحث عن بطل، أو أبطال، في بلاد الأمويين
نُذُرُ "عاصفة كاملة" في سورية
عناصر "العاصفة الكاملة" بدأت تتضح رويداً
رويداً في سورية: استقطاب دولي- إقليمي حاد، يرافقه استقطاب داخلي أكثر حدة،
ومعهما انسداد الأبواب تقريباً أمام أي تسويات خارجية- داخلية من شأنها إنقاذ
البلاد من مصير الحرب الأهلية، أو من سيناريو "الدولة الفاشلة".
نبدأ مع الاستقطاب الدولي- الإقليمي.
مفاجأة الصين وروسيا
ليس ثمة مبالغة في شيء القول أن المحور الروسي- الصيني
الذي تكوَّن سريعاً حول سوريا، كان بمثابة مفاجأة.
أجل. روسيا والصين كانت تنسّقان منذ فترة غير قصيرة بعض
مواقفهما الدولية، كما أنهما عضوتان في معاهدة شنغهاي المُرشَّحة لأن تصبح في يوم
ما (إذا ماحالفها الحظ وواتتها الظروف الملائمة) حلف الأطلسي الروسي- الصيني-
الإيراني. علاوة على ذلك، اكتشفت موسكو وبكين مؤخراً قاسماً مشتركاً آخر بينهما: اندفاعهما
لتحسين مواقعهما في النظام العالمي الجديد، بعد تعثّر مشروع جورج بوش لترسيخ أسس
النظام أحادي القطبية، وتوجّه باراك أوباما إلى طرح نظام دولي متعدد الأقطاب مكانه
(وإن بهيمنة أميركية كاسحة بالطبع).
لكن، وعلى رغم كل هذه العوامل المغذّية لتقاطع المصالح
الروسية- الصينية، لم يكن أحد يتوقع أن تصل الأمور بهذين الطرفين إلى شهر سلاح
التحدي على هذا النحو في وجه الولايات
المتحدة. فلا الصين، التي اندمجت تماماً في النظام الرأسمالي المتعولم، ترى مصلحة
في خوض حرب باردة مع أميركا تؤدي إلى عرقلة نموها الاقتصادي السريع، ولاروسيا
قادرة بامكاناتها المتواضعة قياساً بالقدرات الاقتصادية الأميركية على العودة إلى
المشاريع الأمبراطورية السوفييتية الطموحة.
وإذا ماكان صحيحاً أن الرئيس الروسي بوتين يتحدث هذه
الأيام عن إعادة تسليح روسيا ومواجهة الدرع الصاروخي الأميركي بمنظومة صواريخ
جديدة ومتطورة، على أن يتم هذا التطوير للمجمّع العسكري الصناعي الروسي
"استناداً إلى اقتصاد السوق" (على حد تعبيره في مقالة نشرتها صحف روسية
مؤخراً)، إلا ان العديد من المراقبين يعتقدون ان ثمة مبالغات مقصودة في مثل هذا
التوجُّه، تهدف في آن إلى تعبئة المشاعر القومية الروسية من جهة، وإلى إطلاق رسالة
باتجاه واشنطن مفادها أن عليها التوقف عن التدخل في الشأن الداخلي الروسي (من خلال
"هندسة" ربيع عربي فيها) إذا ما أرادت تجنُّب "الممانعة والمقاومة"
الروسية في الشؤون الدولية، من جهة أخرى.
دور الجيو- استراتيجيا
لكن، وطالما أن الصورة في موسكو وبكين على هذا النحو المُلتبس،
وطالما أن الأمور لم (ولن) تصل إلى مرحلة نشوب حرب باردة جديدة، فلماذا برزت إذاً
لحظة الاستقطاب الحاد هذه، والتي تُغذي الآن استقطاباً إقليمياً أكثر حدة في الشرق
الأوسط بين الدول العربية (الخليجية أساساً) وبين إيران؟
السبب الرئيس جيو- استراتيجي على الأرجح، ومن الطراز
الرفيع كذلك.
فبكين وموسكو، اللتان كانتا تراقبان بدهشة مشوبة بمشاعر
العجز التطورات المتلاحقة في بلاد الربيع العربي، شعرتا أن الولايات المتحدة باتت
على قاب قوسين أو أدنى من إحكام قبضتها على منطقة الشرق الأوسط الحيوية استراتيجياً
والتي تقبض بدروها على قارة أوراسيا من خناقها، من خلال تحالف مُستجد مع الإسلام
السياسي العربي في حلّته الأخوانية . وهذا مشروع بدا واضحاً في مصر وليبيا وتونس
واليمن، ولم يبق أمامه سوى اسقاط الحلقة السورية تمهيداً لجعل نظام الملالي في
إيران يختنق بأنفاسه الداخلية.
وبالطبع، إذا ما نجحت الولايات المتحدة بالاستفراد
بالمنطقة وبإعادة تشكيلها على هذا النحو، فسيتم ليس فقط طرد روسيا من آخر موقع لها
في الشرق الأوسط بل أيضاً محاصرتها "إسلاميا" في عقر دارها (منطقتا
القوقاز والفولغا)، وفي ضواحي الدار في كل المناطق الإسلامية السوفييتية السابقة.
أما بالنسبة إلى الصين، التي لديها كذلك مخاوف من تحريك
الأقلية المسلمة لديها ومن تمديد الربيع العربي إلى عقر دارها هي أيضا، فإن نجاح
التحالف الأميركي مع الإسلام السياسي سيجعلها تخسر أهم معارك "حرب
الموارد" التي تخوضها مع الولايات المتحدة في كل أنحاء العالم: من الخليج
العربي إلى إفريقيا وصولاً إلى أميركا اللاتنية وألاسكا، الأمر الذي سيضعها تحت
رحمة السيطرة الأميركية المطلقة على امدادات النفط التي باتت شحيحة في العالم.
هذه بعض أسباب الاستقطاب الدولي الحاد الراهن حول سوريا،
والتي تتكشّف عن كونها جزءاً من مجابهة جيو- استراتيجية كبرى على رقعة شطرنج
عملاقة تمتد من جبال القوقاز إلى شواطيء الخليج، ومن بحر الصين الجنوبي إلى البحر
المتوسط.
وعلى رغم أن شد الحبال هذا لن يتحوّل كما أسلفنا إلى
حرب، أو حروب، باردة جديدة، إلا أن عجز الولايات المتحدة (حتى الآن على الأقل) عن
تهدئة غضب الروس والصينيين من عدم اشراكهم في مشروع الشرق الأوسط الجديد أو
الموسّع، قد يطيل أمد المجابهة حول سوريا (وأيضاً حول إيران).
سوريا الساحة
ماذا يعني كل ذلك بالنسبة إلى سوريا؟
أمر واحد: احتمال تحوُّلها إلى ساحة حروب دولية- إقليمية
بالواسطة، تماماً كما كان لبنان في 1975
- 1989 مع فارق كبير: "الساحة" السورية يمكن أن تصبح بسهولة ساحة حرب
إقليمية واحدة وكبيرة.
والواقع أن معالم سيناريو "الساحة" هذا باتت
جلية للغاية: سيل ضخم من الأموال والأسلحة الروسية والإيرانية إلى النظام السوري،
يقابله سيل ضخم من الأموال والأسلحة الخليجية (والغربية؟) التي بدأت تتدفق علناً
إلى بعض قوى المعارضة السورية، جنباً إلى جنب مع مجابهات سياسية ودبلوماسية تمتد
من مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك إلى تركيا وإيران ودول
الخليج والمغرب العربيين والعراق ولبنان، مروراً بأصغر قرى درعا وإدلب وريف دمشق.
هل نسينا شيئاً ما هنا؟
أجل. إسرائيل.
طيلة السنة الماضية، كانت تل أبيب تنتهج سياسية
"النأي بالنفس" عن الأزمة السورية، كما الحكومة اللبنانية، على رغم أن
وزير الدفاع باراك كان من أنصار الإجهاز على النظام السوري.
لكن هذه السياسة، التي فرضها رئيس الوزراء نتنياهو بدافع
رئيس هو مواصلة الاحتفاظ بمرتفعات الجولان الاستراتيجية الهادئة منذ 40 عاماً
والتي تزوّد إسرائيل بربع احتياجاتها من المياه، قد تتغيّر في حال اكتمل عقد
الصراع الدولي على سوريا.
لماذا؟
لأن هذا بالتحديد هو دور الدولة العبرية منذ تأسيسها
العام 1948: في البداية حماية المصالح الغربية في الشرق الأوسط، ثم التحوّل لاحقاً
إلى رأس حربة ضد النفوذ السوفييتي إبان الحرب الباردة (وهذا تتوّج في حرب 1967).
والآن، بدأت تتعالى الأصوات في تل أبيب داعية إلى تركيز
الجهود على إسقاط النظام السوري كمدخل لإسقاط النظام الإيراني. وفي حال أقنع
الأميركيون نتنياهوبهذا الخيار، سيكون الدخول الإسرائيلي على خط الأزمة الدولية
حول سوريا قد دخل حيّز التنفيذ.
تحذيرات "عاصفية"
إنها حقاً "عاصفة كاملة" تلوح في الأفق. وفصول
هذه العاصفة بدأت تتكامل مع التحولات التي شهدها الوضع الداخلي السوري في الآونة
الأخيرة، ليس فقط على صعيد تآكل قدرة النظام على حسم الأمور عسكرياً وأمنياً
لصالحه، بل أيضاً على مستوى المرحلة الجديدة التي دخلتها قوى المعارضة السورية.
فقد أكد مؤتمر القاهرة الأخير، الذي نظمته الجامعة
العربية (وقوى دولية أخرى من وراء الستار) أن أطياف المعارضة السياسية السورية غير
قادرة على توحيد مواقفها بسبب مزيج من غياب روح السياسة والتسويات عن بلاد الشام
طيلة 40 عاماً، ومن مشاعر "الأنا" المتضخمة لدى العديد من قادتها.
صحيح أن مؤتمر القاهرة خرج بوثيقتي حد أدنى حول المرحلة
الانتقالية والميثاق الوطني الجديد، إلا أن الصحيح أيضاً أن "الخناقات"
العنيفة التي شهدها المؤتمر في الخارج فيما ألسنة الحرب المدمِّرة تمتد إلى كل مكان
في الداخل، سيؤدي إلى ضعضعة أي شرعية شعبية يمكن أن تحوزها المعارضة السياسية،
وإلى تعزيز كبير لشرعية المعارضة المسلحة.
وهذا مايحدث الآن بالفعل، وعلى قدم وساق أيضا.
فالمعارضة المسلحة بدأت تصبح كياناً مستقلاً، على مستوى
التسلُّح والتمويل والقرار السياسي، وباتت تقريباً هي التي تملك الكلمة الأخيرة
حول مآل الانتفاضة السورية ومسارها.
لكن مشكلة معارضة الداخل لا تقل خطورة عن مشكلة معارضة
الخارج. فالجيش الحر، وعلى رغم الجهود الكبيرة التي يبذل ليكون المظلة لكل
المسلحين، لايسيطر في الواقع سوى على جزء من المجموعات المسلحة التي يقال أن عددها
ناهز الـ300 مجموعة تنتمي إلى مشارب إيديولوجية ومناطقية وإقليمية مختلفة.
وهكذا، حذَّر تقرير لمؤسسة دراسات الحرب Institute for the Study of War (مقرها الولايات المتحدة)، مؤخراً من أن التدفقات المتنافسة من الأموال
والأسلحة يلحق الضرر بوحدة قوى المعارضة. وأضاف:" إذا لم تصبح هذه موارد
الدعم المتباينة هذه منظمة ومسؤولة، فإنها قد تساعد على إلحاق الهزيمة بالأسد
لكنها ستدمّر سورية في خضم ذلك".
* * *
هل اتضحت الآن معالم "العاصفة الكاملة"
السورية، في الخارج كما الداخل؟
يفترض ذلك.
والحل؟
التاريخ يبحث الآن عن بطل تاريخي، أو حتى أبطال، لإخراج
سورية من هذا الجنون الموصوف، ولإعادة التوازن إلى العقل السياسي السوري.
وحين يكون التاريخ في حالة بحث، لايسعنا إلى أن نضع
أدينا على قلوبنا ترقباً وأملاً، وجزعا.
______________________________________________________
دراسات أخرى عن المعارضة المسلحة السورية:
1- Disorganized Like a Fox
http://www.understandingwar.org/publications/commentaries/disorganized-fox
2- The
Urban-Rural Stalemate in Syria
http://www.understandingwar.org/press-media/webcast/urban-rural-stalemate-syria-cbs-news
http://www.understandingwar.org/
_________________________________________________________
Both either the Americans or the Russian are there to Protect the Darling Israel and now as well well the Chinese But in different Style and Colors beside protecting the Geo-interest
ردحذفI would prefer to have the conversation in Arabic, but I apologize for lacking the capacity to type in Arabic.
ردحذفI agree with most of the analysis presented here, except for one aspect. You seem to suggest that the Arab Spring is resulting in further US control of the Region, but I argue the opposite! No matter how cooperative the Islamist regime in Egypt is going to be with the US, it is hard to imagine anything more cooperative than Mubarak. The same applies to any potential change in Saudi Arabia. The one exception to this is Syria, but as you have implied in a previous post, the Syrian regime is extremely pragmatic, and the US could have tamed it if they offered anything substantial in return. I think what happened took the US by surprise, and what they are doing is trying to minimize the damage. The American Administration would have preferred to keep the Authoritarian regimes, but since they realized that is not an option, they are working on containing the revolutions as much as possible.
-Mohammad