-
I -
العنوان الرئيس الذي استُخدم على نطاق واسع في الغرب
لوصف صعود نجم الأمير بندر في مدارج السلطة السعودية هو: " "شخصية صقرية
لسياسة خارجية صقرية".
لكن، هل هذا التعبير دقيق؟
بندر مع بوتين: البراغماتية اولا(غوغل)
ربما هو كذلك في ما يتعلق بسورية هذه الأيام. فهذا
الرجل، الذي انهمك أكثر من غيره في الجهود لـ"ترويض الأسد" حتى حين اتُهِم
هذا الأخير باغتيال أهم أتباع بندر (الرئيس رفيق الحريري)، يعرف أن هذه المحاولات
لاطائل منها، وأن الحسم هي اللغة الوحيدة التي يفهمها هذا الرجل.
لكن، هل الوصف الصقوري ينطبق أيضاً على باقي مناحي
السياسة الخارجية؟
البعض يتوقع أن يكون الأمر كذلك، خاصة بالنسبة إلى
الصراع الراهن المكشوف على النفوذ بين السعودية وإيران. إذ أن تراقص نظام بشار
الأسد على شفير السقوط، وبالتالي احتمال خسارة طهران لأهم نفوذ استراتيجي لها منذ
أيام قورش الكبير قبل نيف وألفي سنة، لابد أن يدفعها إلى التخندق في أماكن في
المنطقة، في مقدمها العراق ولبنان.
كيف؟
لا أحد يستطيع أن يجزم بعد ما إذا كانت إيران ستتصرف كذئب
جريح أو كلاعب بوكر حاذق. إذ على رغم الباع الطويل لبلاد الخميني في التقية
الباطنية والخبث الفارسي، إلا أن أوضاعها الاقتصادية- الاجتماعية المتدهورة بشدة
في الداخل، قد تدفعها إلى التصعيد في الخارج. وهذا قد يأخذ شكل دفع قوى الشيعية السياسية
في العراق إلى مواصلة فرز الألوان مذهبياً وتحويل "ديكتاتورية" نوري
المالكي الفردية الناشئة إلى ديكتاتورية مذهبية عامة (في حال وافق على ذلك وقرر
التخلي عن حليفه الرئيس الأميركي). كما قد تأخذ شكل لعب ورقة حزب الله في لبنان،
إما عبر تشجيعه على إعادة فتح الجبهات مع إسرائيل، أو محاولة القفز إلى السلطة
السياسية المباشرة في بيروت. وهذا يمكن أن يتم من خلال المطالبة بنظام سياسي جديد
يقوم على المُثالثة وعلى تناوب رئاسة الحكومة بين السنّة والشيعة، أو حتى على سيطرة
الشيعة على رئاسة الوزراء.
احتمال التصعيد الإيراني، إذا، وارد. لكن التاريخ الدبلوماسي
للأمير بندر لايشي بأنه قد يرد فوراً بشكل "صقري" عليه، قبل أن يحاول
إعادة طهران إلى القفص الحواري. وهنا يجب ألا ننسى أن الطرف الذي عرقل حصول إدارة
بوش السابقة على تفويض من مجلس الأمن لضرب إيران، كان هو نفسه بندر حين طار إلى
موسكو وطلب منها عرقلة هذا المسعى. آنذاك، لم يكن من مصلحة الرياض نشوب حرب كبرى
جديدة في منطقة الخليج.
البراغماتية هنا هي على الأرجح التي ستحكم سعيدا
العلاقات السعودية- الإيرانية، سواء أكان ذلك باتجاه التبريد أو التسخين.
لكن، هل "المسألة الإيرانية" هي كل جوهر
السياسة الخارجية السعودية في هذه المرحلة؟
-
II -
إنها جزء كبير منها، لكنها ليست كلها. لا بل يشك
الكثيرون بأن ثمة قاسماً مشتركاً ما بين الطرفين في هذه الأيام، يتمثّل في التوجس
من مضاعفات الربيع العربي.
موقف السعودية من هذا الربيع اتضح منذ اللحظة الأولى
لاندلاعه. لكن موقف طهران بدأ ينجلي الآن بعد أن اكتشفت أن الصعود الإسلامي في
المنطقة العربية، بدأ يصب في خانة الإسلام التركي الصوفي والديمقراطي، لا في خانة
الثورية الشيعية الخمينية. وبالطبع، هذا قد ينعش في وقت قريب آمال الثورة الخضراء
الإيرانية بالخروج من معتقل ولاية الفقيه إلى رحاب الحرية والديمقراطية.
هذه الحقيقة، أي كون الربيع العربي، بكل مكوناته وانقلاباته
الإديولوجية والثقافية والاجتماعية، عنصراً استراتيجياً في أي سياسة خارجية لأي
دولة، لن تنفع معه السياسات الصقورية، بل هو سيحتاج إلى فكر جديد، و أنموذج(Paradigm) جديد، ومقاربة
تنطلق من الداخل إلى الخارج، لا فقط من الخارج إلى الداخل.
صحيح أن بإمكان المملكة أن تؤثِّر على مسار عمليات
الانتقال إلى الديمقراطية، عبر تمويل ودعم الحركات السلفية (كما فعلت في مصر خلال
الانتخابات). لكن السلفيين لن يكونوا
قادرين لا الآن ولا غداّ على تشكيل بديل حقيقي يكون مقبولاً من الغرب وقابل للحياة،
عن القوى الإسلامية التي نضحت خلال العقود الثلاثة الأخيرة في مجال الحياة
السياسية والانتخابية والديمقراطية.
وصحيح أن المملكة، ومن خلال استخدام عضلاتها المالية
الضخمة، في وسعها "شراء" عدم دعم الأنظمة الإسلامية للقوى الإسلامية
والإصلاحية السعودية والخليجية المطالبة بالمشاركة في السلطة، لكن هذا لن يؤدي إلى
وقف التأثر الذاتي لهذه القوى بكل مايجري من تمخضات ديمقراطية في تونس ومصر
وليبيا، وقريباً في السودان وسورية والبحرين، وربما في الكويت وعُمان.
-
III -
ماذا يعني كل ذلك؟
أمراً واحدا: مالم تكن السياسة الخارجية في هذه المرحلة
امتداداً للسياسة الداخلية الإصلاحية، فإنها ستكون مجرد صرح كرتوني سرعان ماستجرفه
تطورات محلية مفاجئة. وإذا ما كان البعض يعتقد أن بلاده ستكون الاستثناء في الربيع
العربي، فعليه أن يتذكّر أمرين. الأول، أن مبارك والقذافي والأسد كلهم أجمعوا على
أن دولهم ليست تونس. والثاني، أن الربيع العربي ليس بعيداّ البتة في الواقع عن
إرادة واشنطن والعولمة. وهذان الطرفان الأخيران، وكما دلّت صراعات مصر الأخيرة بين
الإخوان والجيش، لن يقبلا بأي "تسوية خلافات" مع السعودية وبقية دول
الخليج، ما لم تتضمن هذه التسوية خريطة طريق واضحة للإصلاح والتغيير، خاصة بعد أن
تضع الأزمة السورية أوزارها.
* * *
هل تلمسنا الآن لماذا السياسة الصقرية وحدها لن تكون
كافية ، في هذه المرحلة الصاخبة من تاريخ الشعوب العربية؟
سعد
___________
(*) ملاحظة: سقط
سهواً أمس اسم كتاب وليام سيمبسون عن الامير بندر، وهو:
The Prince
The secret story of the world's most intriguing royal
Prince Bandar Bin Sultan
ًWilliam Simpson
Regan- An imprint of Harpercollins publications - 2006
__________________________________
This Analysis can only assure that Israel and her Allies has won and our Leaders if they are Sunnies or Shiaa has miserably failed
ردحذف