القراء
الأعزاء
|
مدوّنتكم
"اليوم، غدا" حظيت خلال شهر واحد فقط
بأكثر من 50 ألف قاريء. ألف شكر وتحية لكم، ولنتابع مسيرتنا معاً على دروب
الحرية والديمقراطية، والعدالة، والحقيقة.
|
تحياتي
الصادقة
|
سعد
|
الفريق ضاحي خلفان
-
I -
"اكتشاف" الفريق ضاحي
خلفان تميم، قائد شرطة دبي، لـ"المؤامرة الدولية" التي "تريد إطاحة
حكومات دول خليجية عربية"، جاء متاخراً سنة ونصف السنة.
لا بل هو ربما تأخر 11 سنة كاملة، حين بدا واضحاً بعد
أحداث 11 أيلول/سبتمبر 2001 في نيويورك وواشنطن أنه سيكون هناك رابط عضوي بين هذه
الأحداث وبين ماسيجري من تطورات دراماتيكية في الشرق الأوسط.
خريطة طريق هذه التطورات وضعت بالفعل منذ ذلك الحين،
لكنها كانت مخططاً علنياً لامؤامرة سرية. كل ما في الأمر أن صدمة 11 أيلول/سبتمبر دفعت
الولايات المتحدة إلى تغيير استراتيجيتها التاريخية في الشرق الأوسط: من الاعتماد على
الأنظمة السلطوية والاستبدادية (الجمهورية كما الملكية) إلى الرهان على المجتمعات
المدنية، لتحقيق الاستقرار، وكبح جماح العنف الإصولي أو مايسميه الغرب الإرهاب الإسلامي،
و"ترويض" الحركات الإسلامية وتحديثها عبر لعبة السياسة الديمقراطية لا
القمع الأمني.
لكن، لماذا تسببّت أحداث أيلول/سبتمبر بمثل هذا الزلزال
الاستراتيجي، وهل يعني ذلك أن الثورات العربية تحمل في طياتها دمغة "صُنِعَ
في أميركا"؟
سنأتي إلى السؤال الثاني بعد قليل. قبل ذلك وقفة تأملية
مع السؤال الأول.
تحوّل استراتيجي ومعرفي
أحداث 11 سبتمبر\
أيلول 2001 لم تكن فقط نقطة تحّول إستراتيجي في الولايات المتحدة والغرب، بل كانت أيضا
نقطة تحّول معرفي. وهذا أخذ شكل "الانفجار الكبير" في الاسئلة الحارة الموجّهة
كلها بإتجاه الشرق الاوسط العربي والاسلامي : " لماذا يكرهوننا ؟ " .ماذا
بعد 11 \9، وهل سيكون هناك 11\9 أخريات ؟ ما معنى ان يتكشف لنا ( للغرب ) أن أقرب حلفاءنا
( الانظمة العربية " المعتدلة ") هم في الواقع الاعداء الحقيقيون ؟ . ثم
من رحم هذه الاسئلة كانت تتوالد أخرى: من هم الاصوليون الاسلاميون ، ما عقيدتهم وتراكيبهم؟
، وهل هناك مؤامرة إسلامية عالمية ضد الولايات المتحدة والغرب ؟ ومن الاصوليين الاسلاميين
الى الاسلام نفسه : ماذا ذهب خطا في هذه الحضارة التاريخية العريقة، ولماذا يفشل العرب
والمسلمون في التأقلم مع قيم الديموقراطية والحداثة ؟ هل العطب في داخل هذه الحضارة
نفسها ام في الظروف الخارجية المحيطة بها ؟.
بالطبع ، الولايات المتحدة لم تنتظر الاجابة على أي من هذه
الاسئلة كي تبدأ تحرّكها . فهي شّنت حرب أفغانستان حيث حلفاءها السابقين أسامة بن لادن
والاصوليين المتطرفين الافغان، ثم أتبعتها بحرب العراق ضد شريكها القديم صدام حسين.
وخلال هاتين الحربين وبعدهما كانت الولايات المتحدة تطور إستراتيتجيتين إثنتين: الاولى
شرق أوسطية ، وتتمثل بالتحّرك لتغيير الانظمة العربية وإعادة تشكيل الشرق الاوسط برمته؛
والثانية عالمية وترتكز الى مباديء الرئيس جورج بوش الأبن: محور الشر والحروب الاستباقية
والقوة الهجومية.
الربط بين تغيير الانظمة وبين الحرب العسكرية على
الإرهاب كان فجاً. وهو نفّر الشعوب العربية من الدعوات الأميركية إلى الديمقراطية،
خاصة بعد أن أسفرت حربا أفغانستان والعراق عن "فوضى غير خلاّقة"، على
رغم كل الجهود الإعلامية- الإديولوجية التي بذلتها إدارة بوش لتصوير هاتين الحربين
على أنهما جزء من "استراتيجية حرية" جديدة هدفها "انهاء تحالف عمره
60 عاماً بين الغرب وبين الأنظمة السلطوية العربية والإسلامية"، على حد تعبير
الرئيس جورج بوش الأبن.
هذا النفور وصل إلى ذروته في نهاية ولاية بوش الثانية،
وأعاد إنتاج كل أدبيات الاستشراق في الشرق الأوسط، وحتى في الدول الغربية.
وهكذا كتب بول كينيدي، صاحب كتاب "صعود وسقوط الدول
الكبرى" الشهير:
"من الصعب معرفة ما إذا كان سبب الحالة المضطربة للعالم
الإسلامي ثقافي أم تاريخي. النقاد الغربيون الذين يشيرون إلى اللاتسامح الديني، والتأخر
التكنولوجي، والعقلية الإقطاعية في المنطقة، ينسون أنه لسنوات عدة قبل عصر الإصلاح(
الاوروبي)، كان الإسلام يقود العالم في الرياضيات، وعلم الخرائط، والطب، والعديد من
مجالات العلم والصناعة. وهذه الأرصدة تمت التضحية بها لاحقاً عبر إحياء الفكر التقليدي
والإنقسام المذهبي بين المسلمين الّسنة والشيعة. بيد ان تراجع الإسلام إلى نفسه- أي
وجوده " خارج إيقاع التاريخ" على حد وصف أحد المؤلفين- كان في الغالب أيضاً
رداً على الصعود الناجح لأوروبا التوسعية. فالغرب، الذي أبحرت سفنه على طول السواحل
العربية، وساهم في إندثار الأمبراطورية المغولية، وإخترق نقاطاً إستراتيجية بخطوط السكك
الحديدية والأقنية والمرافيء، وتقدم بثبات في شمال إفريقيا، ووادي النيل، والخليج الفارسي(
العربي- الكاتب) ، والهلال الخصيب، وثم شبه الجزيرة العربية نفسها مقّسماً الشرق الأوسط
وفق حدود لاطبيعية كجزء من مساومات ما بعد الحرب العالمية الاولى، هذا الغرب ربما لعب
أكثر من دور في جعل الشرق الاوسط ما هو عليه اليوم، وبأكثر أيضاً مما يبدو ان المحللين
الخارجيين مستعدين للإعتراف به. من الواضح ان الإسلام يعاني من العديد من المشاكل التي
سببها لنفسه، لكن، إذا ما كان الموقف الغاضب والتجابهي نحو النظام العالمي اليوم سببه
المخاوف المعشعة منذ وقت طويل من خطر الإبتلاع على يد الغرب، فلن يرجى الكثير من التغيير،
إلى أن يتم تبديد هذا الخوف ".
-
II -
اوردنا هذه الفقرة الطويلة لسببين: الاول أنها تعرض بشكل
موضوعي لتأثيرات الاجتياح الغربي للشرق. والثاني لأنها تضرب على وتر حساس للغاية في
الشرق الاوسط : الخوف . الخوف من ماذا ؟ من الغرب. الخوف على ماذا ؟ على كل شيء تقريبا:
الاستقلال والهوية وحتى في بعض الاحيان الاحساس بالخطر على الوجود نفسه. وهذا ميكازيم
يكمن في أساس نزعة العنف الانتحاري التي تصبح عملة رائجة في سياسات أوائل القرن الحادي
والعشرين العربي . وهنا لا يقف أسامة بن لادن كفارس وحيد في هذا المجال ، ولا حركة
الجهاد الفلسطينية، ولا حزب الله اللبناني . فالمسألة كادت تتحّول الى ظاهرة عامة،
او أسلوب من اساليب العمل السياسي في الشرق الاوسط العربي، قبل أندلاع ثورات
الربيع العربي.
كتب محمد حسنين هيكل ( هيكل : 1995 : 10 ) : " العرب
بما فعلوه وما لم يفعلوه، وصلوا بانفسهم الى حافة الانتحار. فالعالم العربي لم يعد
منطقة ازمة عامة، بل منطقة أزمات مختلفة ومتعددة .. والامة العربية ليست في حالة ملل
بل في حال إكتئاب جماعي " .
القول بأن العرب ( أي 400 مليون) وصلوا الى مرحلة الانتحار، بيان خطير . والقول
بأنهم في حال إكتئاب جماعي، بيان أخطر. ولكي نتصّور فداحة مثل هذه الخلاصات، علينا
ان نتخيل ان تنظيم القاعدة لم يعد حركة إرهابية معزولة عن التيار الاسلامي العام في
المنطقة العربية، بل بات، بعملياته الانتحارية الجماعية، النموذج الذي يقدم "الحل
الامثل" للخروج من الازمات العربية المتراكمة. حينها يمكن للنظام العالمي بالفعل
ان يتوقع هجمات كارثية لاتنتهي، على أسسه ومقوماته ورموزه.
محصلات إيجابية
هذه العجالة ربما تجعلنا نفهم لماذا أدت أحداث11 أيلول /سبتمبر
في واشنطن ونيويورك ، إلى ألا يبقى السؤال عن أسباب التخلّف والعنف في المنطقة
العربية- الإسلامية سؤالاً عربياً يجب ان يجيب عليه العرب وحدهم . فما يحدث من تفاعلات
داخلية في الرياض والقاهرة وعمان والقدس ، بات وثيق الصلة بأمن نيويورك وبوسطن ولوس
انجيليز ولندن وباريس . وبرامج التربية والتعليم التي تدرّس في مدارس الشرق الاوسط
ووأفغانستان وباكستان، باتت جزءا من الامنين القومي الاميركي والعالمي. ثم هناك العولمة
التي تعمل الان على محو أي \ وكل فاصل بين ما هو محلي وما هو عالمي . وفوق هذا وذاك
، هناك بعض التطورات الموضوعية التي يجب
تسجيلها :
1- فقد إنتهت ،
على ما يبدو علاقة "الحب المحّرم" بين الأنظمة السلطوية العربية بشطريها الجهوري
والملكي وبين الديموقراطيات الغربية. "علاقة الحب الغريبة " هذه، وفق تعبير
جون كولي John cooley (في كتابه
"الحرب غير المقدسة") ، إنتهت الى علاقة شك وكراهية. فالسعودية لم تعد مملكة
" معتدلة " حليفة للغرب، بل باتت مصدر التطرف الاخطر الايديولوجي والسياسي.
ومصر- مبارك لم تعد ركيزة إستراتيجية بل باتت منتجا مُحتملاً للصواريخ البشرية العابرة
للقارات. أما إستخدام الغرب لمدة نصف قرن للأسلام السياسي كسلاح سياسي ، فقد تكشّف
عن كونه تأشيرة دخول ذات إتجاه واحد الى جهنم .
2- كما إنتهت أيضا
مقولة التعايش بين غرب حديث وما بعد حديث ، وبين شرق أوسط ما قبل حديث . أمن النظام
العالمي والعولمة بات يفرض جلب الشرق الاوسط ، ومرة والى الابد ، الى عالم الحداثة
. جون لويس غيديس John lewis
gaddis تحدث حتى قبل اندلاع ثورات الربيع العربي عن وجود
"إستراتيجية كبرى" اميركية لتغيير الشرق الاوسط الاسلامي بأكمله وجلبه الى
الحداثة. وفؤاد عجمي قال ان الدافع الاميركي الرئيس الان هو " تحديث العالم العربي
" . اما مارتن انديك فتحدث عن ضرورة أدخال إصلاحات كاسحة في الدول العربية، وتشجيع
الطبعات المعتدلة من الاسلام. وهذه كلها كانت تأكيدات على أن سؤال الأزمة في الشرق
الاوسط لم يعد سؤالا محليا بحتا.
3- وفي العالم
العربي ، تم نفض الغبار بسرعة عن المسألة الديموقراطية بعد تعليق دام حقبات طويلة لصالح
شعارات تحرر الأمة ووحدته، وبات الحل الديموقراطي على كل شفة ولسان في المجتمعات العربية
. وهذا ما أعاد الاعتبار للمرحلة الليبرالية العربية التي إزدهرت في حقبة ما بين الحربين
العالميتين الاولى والثانية، ولوصل ما إنقطع فيها بعد الافادة من دروس فشلها.
4- وفوق هذا وذاك،
فقدت معظم الأنظمة العربية ما تبقى لها من شرعية سياسية في الداخل ( ومن غطاء أجنبي
في الخارج ) ، وباتت في صراع مباشر مع شعوبها وجها لوجه .
بالطبع ، لن تكون التحولّات الكبرى المرتقبة في الشرق
الاوسط سهلة أو بسيطة . فليس من السهل الان الحكم على نتائج ، أو إستمرارية ، الانقلاب
الاميركي على التحالف مع الأنظمة الاستبدادية في الشرق العربي. لكن، ثمة حقيقة لا يمكن
القفز فوقها، وهي أن سقوط التحالف الاستبدادي العربي- الديموقراطي الغربي بعد 11
أيلول/سبتمبر ، سيكون حتما لصالح الشعوب العربية . فهو سيجعل الدول "المحافظة"
تقف عارية في بلاط الاسرة الدولية. وهو سيعيد الى حد ما التوازن في الصراع بين القوى
العربية الحديثة والديمقراطية وبين القوى التقليدية والسلطوية في الشرق الاوسط، من
خلال إرتسام موازين قوى جديدة بينها. وهو أخيرا أعطى القوى الديموقراطية والليبرالية
الإسلامية فرصة العودة الى " مسرح عمليات " المنطقة ، بصفتها قوى فاعلة ومؤثرة
فيها .
لقد قَبِلَ الغرب أخيراً أن تصل القوى الإسلامية إلى
الحكم، شريطة أن تقبل بالمباديء الديمقراطية الخاصة بتداول السلطة وعدم مصادرة
الحريات العامة، إضافة بالطبع إلى عدم تهديد المصالح الغربية الأساسية، وذلك لتكون
هي البديل عن البنلادنية والتطرف الإسلامي. والقوى الإسلامية بدورها، والتي أفادت
من دروس الحروب الاهلية الخاسرة التي خاضت طيلة نصف القرن المنصرم، تبدو مستعدة
لاحتساء كأس الديمقراطية حتى الثمالة، مستنيرة بتجربتي تركيا وإندونيسيا
الناجحتين.
وعلى رغم أن هذه الاستعدادت المتبادلة تحتاج إلى مراحل
اختيار عدة، إلا أن المؤشرات حتى الآن تشي بغلبة التفاؤل على التشاؤم.
-
III -
صنع في أميركا؟
نعود الآن إلى سؤالنا الثاني: هل تحمل ثورات الربيع
العربي دمغة "صُنِعَ في أميركا"؟
حين طرحت إحدى الإذاعات العربية هذا السؤال على كاتب هذه
السطور مؤخراً، جاءت الإجابة على النحو التالي: " ليس ثمة شك بأن هذه الثورات
لم تكن لتنجح على هذا النحو السريع، لو أن الولايات المتحدة وبقية السرب الغربي
كانتا ضدها (خاصة في مصر وليبيا). لكن هذا شيء، والقول أن هذه الثورات الشعبية
صنعت في أميركا شيء آخر مختلف تماما. كل ما في الأمر أن واشنطن أوقفت تحالفها غير
المقدس مع الأنظمة السلطوية العربية بكل أشكالها. فهل تريدوننا أن نحزن من أجل
ذلك؟".
رد مقنع؟
أجل.
وهذه بعض الادلة:
في
العام 2001، وبعد أحداث نيويورك وواشنطن، أعلن الرئيس بوش عن مشروع “الشرق الأوسط
الكبير” الذي يهدف إلى فرض الديمقراطية بالقوة على كل الأنظمة من المغرب إلى
أفغانستان. وقد كان غزو العراق، كما هو معروف، المرحلة الأولى من رحلة كان يجب أن
تأخذ القوات الأمريكية إلى سوريا وإيران وربما دول أخرى في المنطقة لتغيير أنظمتها.
هذا المشروع تعثّر في العراق كما في أفغانستان، بيد أنه لم
يسقط في الداخل الأميركي. وقد تطلب الأمر مجيء رئيس أسمر السحنة إلى البيت الأبيض
كي تعاد صياغة هذه الاستراتيجية على أسس جديدة: بدلاً من استخدام القوة الصلدة
لفرض تغيير الأنظمة، يجري استخدام القوة الناعمة لتحقيق الغرض نفسه.
أبطال هذه المهمة الجديدة لم يعودوا البنتاغون ومجلس الأمن
القومي الأمريكي ( إلا إذا تطلب الأمر ذلك كما في ليبيا) ولا حتى وزارة الخارجية
الأمريكية، بل منظمات غير حكومية كانت أصلاً تعمل بكثافة منذ عقد لبناء البنى
التحتية لهذه الاستراتيجية. على رأس هذه المنظمات مركز الأبحاث “راند”، و”فريدوم
هاوس”، والمؤسسة القومية للديمقراطية “National Endowment for democracy”. . وهذه الأخيرة كان لها الدور الكبير والأبرز في
النشاطات التي جرت في مروحة واسعة من الدول شملت تونس ومصر والأردن والكويت وسوريا
واليمن والسودان، وحتى “إسرائيل”. كما أنها هي التي نسّقت، ولاتزال، سياسات تغيير
الأنظمة “من تحت” في الشرق الأوسط. ويضم مجلس إدارة هذه المؤسسة وزير الدفاع
السابق كارلوشي، والجنرال المتقاعد ويسلي كلارك، وزلماي خليل زاد مهندس غزو
أفغانستان، ووين فيبر رئيس فريق السياسة الأمريكية للإصلاح في العالم العربي،
وغيرهم.
الأمر،
إذاً، لا يحتاج إلى “أيدٍ خفية” أو “مؤامرة سرية”. فالهدف، وكذلك النشاطات،
الأمريكية، واضحة، ومباشرة، وعلنية. كل
ما في الأمر أن القوة العظمى المهمينة على الشرق الأوسط والعالم قررت تغيير
استراتيجيتها في المنطقة، ولم يعد أمام القوى المحلية والإقليمية سوى التأقلم مع
هذه الاستراتيجية، أو التعرُّض إلى "الحلاقة" (على حد تعبير الرئيس
السابق علي صالح).
الرئيسان زين العابدين بن
علي وحسني مبارك فهما ذلك وغادرا المسرح. لكن العقيد القذافي لم يفهم فرُحِّل
بالقوة سياسياً وجسديا. والأمر نفسه سيحدث حتماً مع الرئيس بشار الأسد.
دول الخليج كلها، ، لن
تكون بمنأى عن هذه التغييرات (راجع مقالاً حول هذا في هذه المدونة). ومع أن
الثورات الشعبية الواسعة مستبعدة في معظم دول الخليج بسبب بنياتها الاجتماعية
الخاصة، إلا أن الإصلاحات فيها ستكون حتمية. إذ لايعقل أن يتغيّر الشرق الأوسط
برمته، فيما تبقى أهم بقعة استراتيجية فيه، والتي كانت مصدراً رئيساً للصواريخ
البشرية والإديولوجيات العنيفة، استثناء عن هذه القاعدة.
هل يضع الفريق خلفان هذه
الوقائع في الاعتبار، في معرض "اكتشافاته" الجديدة حول "المؤامرة
الدولية"؟
ربما هذه ليست مهمته.
فموقعه الأمني يفرض عليه إطلالة أمنية بحتة على مجريات الأمور. لكن هذا لا يجب أن
يفرض على النخبة السياسية الحاكمة في الإمارات المقاربة نفسها. فالسياسة (كما أشرنا
في مدونة الأمس) يجب أن تقود الأمن وتعقلنه. وهذه السياسة في الظروف الراهنة تعني
أمراً واحداً لاغير: إطلاق الإصلاحات السياسية من عقالها، وبأقصى سرعة ممكنة .
لماذا السرعة؟
لأن هذه النخبة قد تجد
نفسها قريباً وسط "إطلاق نار" كثيف من كل الجهات: من الضغوط الهائلة للقرار
الدولي بإصلاح كل أنظمة المنطقة، إلى تحرُّك تنظيم القاعدة وأشباهه الذين قد يفيدون
من القمع الأمني لتقديم أنفسهم كبديل، مروراً بقوى الربيع العربي في الأقطار
الأخرى التي قد لاتتسامح طويلاً مع نهج المجابهة التي تتبعه معهم حالياً دولة
الإمارات.
هذا بالطبع من دون تناسي
ضغوط المطالب المشروعة للمواطنين الإماراتيين بالمشاركة في اتخاذ القرارات
السياسية والاقتصادية، وتقليص الفجوة بين الإمارات الغنية والفقيرة، والمجابهة
الجدية لمخاطر التركيبة السكانية المختلة، والحد من التجاوزات المجتمعية المنفلتة
من عقالها.
فهل ينتصر الخيار السياسي
العقلاني على المقاربة الأمنية الخطرة؟
نأمل ذلك. لا بل نصلي من
أجله. فدولة زايد بن سلطان تعني الكثير للعرب.
الكثير حقا.
سعد
الاستاذ الكبير سعد
ردحذفماتكتبه في مدونتك هو بمثابة بوصلة لنا نقرأ فيها التحليل والمعلومة لكن نقترح عليك أستاذنا الكريم ان تستبدل كلمة المقال بكلمة دراسة
أعترف ، منذ أن عرفت مدوّنتك وأنا ألتهم محتواها يومياً ، بل عدت لأغلب الأرشيف ، وبحثت عنك في الإنترنت لإنني لم أسمع بك قبل الآن!
ردحذفلا أحب المديح ، ولكن أسلوبك علمي ، عملي ، بسيط وعميق في ذات الوقت ، والأهم To the point.
أشعر وكأنني أقرأ لكاتب أو محلل غربي لا عربي!
تحياتي
Additionally to this valid analysis is the question Who is behind the UAE and الفريق ضاحي خلفان تميم
ردحذف