-
I -
جماعة الأخوان المسلمين المصرييين تبدو هذه الأيام كبقرة
حرون وجامحة لاترى حولها سوى سكاكين القتلة، على رغم أنها تعرف أنها هي التي دشّنت
المشكلة حين رفست بنفسها دلو الحليب (الحكم).
مرسي والسيسي أيام الوفاق (الصورة من غوغل) |
فلو أن الرئيس محمد مرسي أدرك مبكراً، أي قبل أشهر عدة،
أن حكمه دخل مرحلة الأزمة، وأقدم على العودة إلى إحياء شعار الإخوان الشهير
"المشاركة لا المغالبة" من خلال تشكيل حكومة وفاق وطني، لما تدهورت
الأمور على هذا النحو.
ولو أن الجناح المعتدل في جماعة الإخوان، والذي يمثّله أبوالعلا
ماضي وعصام سلطان والدكتور محمد محسوب وعبدالمنعم أبوالفتوح،
والذي يرفض مقولة الجناح المتطرف (بقيادة خيرت الشاطر) بأن
الجماعة "قلعة متماسكة تقود المجتمع"، ويدعو إلى اعتبارها قوة وطنية من
ضمن قوى أخرى، نجح في "إدارة" و"توجيه" الرئيس
مرسي، لكانت أمور الحكم استتبت للإخوان لعشر سنوات أخرى.
بيد أن هذا لم يحدث. فالجناح المتطرف هو الذي ساد طيلة السنة
الماضية، ورفض أي تراجع عن مشروع "أخونة" الدولة، على رغم كل الأزمات
الاقتصادية والاجتماعية والسياسة
الطاحنة، منطلقاً من اعتقاده بأن ثمة فرصة ذهبية قد لاتتكرر لتحقيق ذلك الآن.
لكن، ما هي هذه الفرصة؟
-
II -
إنها ببساطة الاتفاق السري الذي يقال (وهذا الذي يقال يبدو مؤكدا) أن
جماعة الإخوان وقعته مع الولايات المتحدة العام 2005، وتضمن دعم هذه الاخيرة وصول
الإخوان إلى السلطة مقابل سلسلة شروط منها الحفاظ على معاهدة السلام مع إسرائيل،
وأطلاق حرية السوق، واحترام قواعد تداول السلطة ديمقراطيا.
الإخوان انطلقوا من هذا الاتفاق لترتيب أوضاعهم الداخلية. وكانت
الخطوة الأولى في هذا الاتجاه تعيين أحد قادتهم محمد مرسي كمحاور للحليف الأكبر
لأميركا في مصر: الجيش. وحين انتخب مرسي رئيساً، كانت صيغة الاتفاق مع الجيش
(برعاية واشنطن) انجزت، ونشأت علاقة وطيدة على أساسها بين مرسي والفريق عبد المنعم
السيسي، بدا معها للأخوان أن الأمور استتبت لهم بفعل الاتفاق مع الولايات المتحدة
والصفقة مع الجيش التي شملت تثيبت أمتيازاته في صلب الدستور المصري.
هذه المعطيات ربما توضح لماذا "ركب الأخوان رأسهم" طيلة
الأشهر الماضية، ورفضوا سلسلة منقطعة النظير من النصائح التي قدمت لهم بضرورة
العمل على تحقيق الوحدة الوطنية.
إحدى هذه النصائح جاءت من رئيس الوزراء التركي أردوغان، الذي قال لنا
بولنت أرليج، خلال لقاء خاص معه في أنقرة مؤخراً، أنه أتصل مراراً بمرسي ليطلب منه
إبرام تسويات مع المعارضة. وهذا مافعله أيضاً راشد الغنوشي زعيم حزب النهضة التونسي
الذي قالت لنا مصادر عربية أنه طار خصيصاً إلى القاهرة لتقديم نصيحة مماثلة.
وقبل يومين، كشفت نيويورك تايمز النقاب عن أن الرئيس الأميركي أوباما
استدعى مستشار مرسي للشؤون الخارجية د. حداد إلى البيت الأبيض، وطلب منه نقل رسالة
عاجلة إلى مرسي يدعوه فيه إلى تشكيل حكومة جديدة برئاسة محمد برادعي.
بيد أن مرسي رفض كل هذه المناشدات، إلى درجة دفعت أحد قادة الإخوان
إلى القول أنه "لو لم يكن هو في موقع قيادة الإخوان، لقال أن عناد مرسي دليل
على أنه يريد أن يصبح ديكتاتورا".
والمثير هنا أن الرئيس المصري المعزول، ظل على قناعة حتى اللحظة
الأخيرة بأن الفريق السيسي لن يقدم على حركة انقلابية، ربما لأنه كان يعتقد بأن
واشنطن لن تسمح له بذلك.
-
III -
لكن الآن، وعلى رغم اتضاح سوء
حسابات مرسي والفريق المتطرف في الإخوان، لايزال هؤلاء يراهنون على مايبدو على أن
الإدارة الأميركية لم تحسم موقفها نهائياً بعد حيال الأزمة سواء لصالح حليفها
القديم (الجيش) أو حلفائها الجدد (الإخوان). ولذا، فهم قرروا على مايبدو دفعوا
الأمور إلى حافة الهاوية في الشارع مراهنين على أن ذلك سيشكل ضغطاً على الولايات
المتحدة وبقية الدول الغربية لدفعها إلى الوقوف إلى جانب الشرعية الانتخابية.
هل هذا الرهان في محله؟
(غداً نتابع)
سعد محيو
It is all clear it is a malfunction and it is an other American Mess
ردحذفA malfunction! Yea a malfunction about the size of Iraq and Afghanidsan combined.
ردحذف