للاشتراك في المدّونة، لطفاً ضع عنوانك الالكتروني هنا

الخميس، 14 يونيو 2012

سورية على خطى العراق: "التطهير" التقسيمي؟



لم يعد خافياً أن ثمة "تطهيراً عرقياً (مذهبياً) يجري الآن على قدم وساق في سورية.
مذابح الحولة والقبير المروِّعة، التي وقعت في منطقة سنّية- علوية مختلطة واتهم "الشبيحة" بارتكابها، تشي بذلك. والحملات النفسية والاجتماعية، وأحياناً الاعتداءات المباشرة على المواطنين العلويين في دمشق( بدأ بعض هؤلاء يفكرون بمغادرة العاصمة إلى الجبال)، تؤكده. وكذا الأمر في ما يتعلّق بأسباب تركّز المعارك الرئيسة بين القوات النظامية وقوات المعارضة في مناطق حمص وحماه التي تشكّل الامتداد والعمق الاستراتيجي للمعقل الجغرافي العلوي في اللاذقية وجبالها.
وجنباً إلى جنب مع المذابح "التطهيرية"، ثمة عامل آخر لايقل خطورة: احتمال تفكك الجيش السوري على أسس مذهبية، في حال واصل النظام مغامرته العسكرية- الأمنية المتهورة  مغلقاً بذلك كل السبل أمام التسوية السياسية السلمية، وأيضاً في حال استمر الصعود الكاسح الراهن لنجم المعارضة المسلحة.
المعطيات تشير إلى أن أعداد هذه المعارضة تضخمت إلى حد كبير خلال الأسابيع القليلة الماضية، بفعل المذابح وتعثُّر الحل العسكري، من ناحية، ولتلقي المعارضة أموالاَ ضخمة وأسلحة متطورة ( مضادة للدبابات من تركيا) ومتوسطة (من السعودية وقطر) وأجهزة اتصال حديثة (من الولايات المتحدة وأوروبا). وهذا ماسيجعلها (المعارضة) قادرة على جذب العديد من القطاعات العسكرية النظامية، التي لم يشركها النظام في المعارك خوفاً من انشقاقها.
الآن، إذا ما استمر تقاطع هذه العوامل، ومعها تواصل الخلافات الأميركية- الروسية حول كيفية تطبيق المرحلة الانتقالية (مع الرئيس الأسد أو من دونه)، ستكون الأبواب مُشرعة أمام تكرار السيناريو العراقي، أي انشطار سورية إلى دويلات منفصلة لارابط بينها سوى صيغة فيدرالية فضفاضة مشوبة بالصراعات العنفية الدائمة.
سورية مرّت بهذه "الحقبة العراقية" نفسها قبل العراق بنحو مائة عام، حين قام الانتداب الفرنسي  في أوائل القرن العشرين بإقامة خمس دويلات طائفية، في إطار ما أسماه "الفديرالية الديمقراطية.
لكن الباحث الفرنسي من أصل لبناني جيرار خوري لم ير أثراً لهذه الفيدرالية الديمقراطية. قال، في كتاب له حول الانتداب الفرنسي على لبنان وسورية:
"الفرنسيون لم يقيموا دولة فيدرالية حقيقية في سوريا، بل راحوا يقسمونها إلى دويلات عدة كدولة دمشق، ودولة حلب، ودولة جبل العرب (أي الدروز)، ودولة العلويين في الساحل السوري. وبالتالي فمفهوم الفيدرالية عندهم كان الانفصال لا الفيدرالية الحقيقية التي تعني إعطاء امتيازات للأقاليم المختلفة ومراعاة خصوصياتها ولكن مع بقائها مرتبطة بالمركز أي دمشق".
هل قدِّر لسورية أن تكرر الآن هذا السيناريو التقسيمي الذي رفضه الوطنيون السوريون قبل قرن، لكن بأيدٍ سورية هذه المرة؟ وهل ثمة مخرج ما من هذا المصير الداكن؟
فرصة الانقاذ لاتزال متوافرة، وهي تستند إلى حدوث "إنقلاب قصر" في دمشق يعلن التخلي عن الحل العسكري- الأمني، ويفتح الأبواب والنوافذ أمام تسوية تاريخية جديدة بين مكونات المجتمع السوري، خاصة السنّة والعلويين.
لكن هذه الفرصة تتآكل يوماً بعد يوم وساعة بعد ساعة. ومالم يحدث هذا التغيير في دمشق اليوم، ستكون سورية غداً أمام خريطة أمر واقع جديدة يواصل الدم رسم حدودها طيلة عقد أو أكثر.
معلومات أخرى عن "التطهير العرقي" والجيش السوري:
- Syria savagery suggests regime in despair. By David Gardner
http://www.ft.com/intl/cms/s/0/cb17c67c-b4a6-11e1-aa06-00144feabdc0.html#axzz1xks3CN3x 
- Heavier Weapons Push Syrian Crisis Toward Civil War
http://www.nytimes.com/2012/06/13/world/middleeast/violence-in-syria-continues-as-protesters-killed.html?pagewanted=all
- الكاتب السوري فايز سارة يرى أن تقسيم سورية ممكن، إذا ما استمرت وتيرة العنف والحل الأمني:
هل يمكن تقسيم سورية؟
http://www.aawsat.com/leader.asp?section=3&issueno=12143&article=665319
                                                ______________________________
-

 




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق