- I -
السؤال الذي يقضّ مضاجع كل اللبنانيين هذه الأيام هو
بالطبع: هل التحق لبنان أخيراً بالحريق الهائل السوري (وربما قريباً العراقي)؟
قبل محاولة الإجابة، ملاحظة تاريخية سريعة، لكنها ملفتة:
هذا الوطن الصغير كان طيلة زهاء قرن ونصف القرن، أي منذ حربه الأهلية الأولى العام
1840، الساحة الرئيس التي جرى فيها خوض الصراعات الدولية- الإقليمية إما لنسف
النظام الإقليمي في الشرق الأوسط، أو لإقامة نظام جديد مكانه.
وحين كانت "حروب الأخرين" هذه تنفجر على أرض
لبنان، كانت توفّر على بقية البلدان المجاورة مؤونة دفع أثمان بروز الامبراطوريات
أو زوالها، فتهنأ هي بالهدوء فيما لبنان يشتعل بالحروب والأزمات (ذات الطابع
الخارجي أساسا) كل عشر سنوات تقريبا. وهذا مادفع
رجل الدولة النمساوي الشهير ميترنيخ إلى وصف لبنان بأنه "هذا البلد
صغير، لكنه عظيم الأهمية".
حسنا. الصورة انقلبت الآن للمرة الأولى منذ 173 سنة.
فلبنان هاديء نسبياً حتى الآن، والعديد من دول المنطقة إما انفجرت (سوريا) أو هي
في طريقها إلى الانفجار (العراق، مصر، إيران، الأردن.. ألخ). وهذا بالتحديد مايجعل
اللحظة التاريخية الراهنة في بلاد الأرز مدهشة، ولكن مثيرة للقلق أيضا: هل يمكن
لهذا الاستثناء التاريخي أن يستمر؟
- II -
ثمة نظريتان متناقضتان هنا:
الأولى تقول أن النيران الإقليمية المشتعلة لابد أن تصل
في النهاية إلى لبنان. فما يجري الآن في المنطقة لايقل عن كونه ليس فقط نسفاً
لأنظمة مابعد الحربين العالميتين الأولى والثانية الثانية، بل ربما أيضاً إعادة
رسم للخرائط ولطبيعة النظام الإقليمي في الشرق الأوسط.
فضلاً عن ذلك: المجابهات من البحرين والمنطقة الشرقية
السعودية واليمن، إلى العراق وسورية، تدور كلها في إطار ما أسماه البعض
"الفتنة الكبرى-2" بين السنّة والشيعة، بعد أن وصل هؤلاء الأخيرين إلى
السلطة في دولتين عربيتين (العراق ولبنان) للمرة الأولى منذ سقوط الخلافة الفاطمية
العام 1173، أو في سياق مايسميه البعض الأخر "حروب الهلالين السنّي
والشيعي" في الشرق الأوسط.
وهنا قد يفيد تذكُّر ما نُقِل عن
السيد حسن نصر الله، زعيم حزب الله"
قبل سنوات قليلة من أن الاميركيين وغيرهم عرضوا عليه قبل فترة شيئاً شبيهاً
بـ "الهلال الشيعي"؛ وأن رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري أبلغه أنه تلقى هو الأخر عرضاً بإقامة "هلال
سنّي " ينطلق من وسط العراق ليضم
الأردن ومعظم سوريا وأجزاء كبيرة من لبنان.
النظرية
الثانية تعتقد أن لبنان لايزال قادراً على تجنّب الحريق الإقليمي الراهن. فهو قد
يشهد اضطرابات أمنية، لكنها لن تصل إلى مستوى الحرب الأهلية.
لماذا؟
لأن
الأطراف السياسية الرئيسة فيه، من حزب الله إلى تيار المستقبل، لامصلحة لها في خوض
حرب أهلية في لبنان لن تسفر عن أي تغيير جذري في موازين القوى. ولذا فهي تبدو
قانعة بخوض حروب بالواسطة ( Proxy wars) في سورية،
وبمنع تمدد هذه الحرب إلى لبنان.
هذا
العامل الذاتي الداخلي الرافض للتفجير يتقاطع، برأي أصحاب هذه النظرية، مع عامل
دولي يتمثّل في منع تحوّل الحرب السورية إلى حريق إقليمي شامل لايمكن ضبطه أو
التحكُّم بأبعاده، الأمر الذي قد يفرض مخاطر جمة على الأمن الإسرائيلي كما على
المصالح الغربية.
لابل
يقول هؤلاء أن اكتشاف الغاز والنفط بكميات ضخمة في لبنان، هو أيضاً من العوامل
التي تحصّنه دولياً ضد الانفجار.
- III -
أي
النظرتين الأقرب إلى الصحة؟
النظرية
الثانية، لكن حتى الآن على الأقل.
إذ
في حال تفجّر العراق مجدداً وانهار الوطن السوري ككيان سياسي موحّد، سيكون هذا
بمثابة عاصفة كاملة لن يستطيع لبنان مهما فعل تجنُّب الوقوع في أتونها.
هذا
إضافة إلى أن التورط الكامل لحزب الله في الحرب السورية، دشّن مرحلة تاريخية جديدة
في الشرق الأوسط باتت فيها الأقليات الشيعية في مواجهة مباشرة مع الأكثريات
السنّية. والمذبحة التي ارتكبت في قرية حتلة الشيعية
شرق سورية، والتي يبدو أنها كانت رداً على مشاركة الحزب في إسقاط بلدة القصير، قد
تكون أحد معالم البدايات الخطيرة الأولى لصدام
مروِّع بين السنًة والشيعة سرعان سيمتد لهيبه إلى لبنان.
سعد
محيو
It is already there. Harriri has start it long time and he with his Backers are strong behind that as it is the soft Power of the Americans/Israel as well
ردحذف