- I -
حلب ستصبح "عاصمة" الشرق الأوسط الكبير
ومابعده أيضا.
هذا ماستكون عليه الأمور خلال أيام أو حتى ساعات. والسبب
لايعود بالطبع إلى أن هذه المدينة الأقدم في العالم والتي يعود تاريخها إلى الألف
الثالث قبل المسيح، والتب تعتبر الأكبر في المنطقة بعد اسطنبول والقاهرة، ستستعيد
مجدها الغابر الذي ساد قبل فتح قناة السويس في القرن التاسع عشر وقبل أن تسيطر
تركيا الأتاتوركية على ثغورها على البحر المتوسط، بل لأن الحرب (من أسف) ستجعلها
محور صراع إقليمي- دولي يُتوقع له أن يكون عنيفاً وطاحناً وضروسا.
فإيران، التي وضعت كل ثقلها مؤخراً في الحرب الأهلية
السورية، قاذفة إلى أتونها أهم ورقة استراتيجية لها (حزب الله) في موازين القوى مع
إسرائيل، ستحاول الآن نقل استراتيجية اقتحام القصير الناجحة في القصير إلى حلب.
وهذا واضح من خلال ماقاله قائد عسكري من حزب الله لـ"فايننشال تايمز"
اليوم من أن هذا الأخير جاهز للمشاركة في "عاصفة الشمال" التي ينوي
النظام السوري شنّها على المدينة.
والغرب سيكون عليه ان يقرر سريعاً ما إذا كان سيواصل
ممارسة الصمت على التدخل الإيراني الكثيف في سورية، أم سيتحرك بسرعة لدعم المعارضة
المسلحة في حلب. وهذا قد يتوضح اليوم بعد أن ينجز البيت الأبيض مشاوراته المكثفة
حول مسألة تسليح المعارضة، أو فرض منطقة حظر جوي في شمال سورية، أو العودة إلى
"استجداء" موسكو للاسراع في عقد مؤتمر دولي لا أمل له لا في النجاح
ولاحتى في فرص الولادة بعد التطورات العسكرية الأخيرة.
كما قد تتضح الأمور أكثر حين تبرز حصيلة المحادثات
المهمة التي جرت أمس بين القادة الفرنسيين والسعوديين، والتي ألمح بعدها وزير
الخارجية الفرنسي فابيوس أنه "لايمكن السماح لإيران بالانتصار".
إلى ذلك، ينبغي أيضاً انتظار الموقف الذي ستتخذه روسيا،
في حال قررت الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا والدول الخليجية وتركيا الرد على
الانتصارات الاخيرة التي حققتها إيران في وسط سورية، عبر إلقاء ثقلها إلى جانب
المعارضة المسلحة.
- II -
حلب، إذا، مرشحة لأن تكون النقطة التي ستتكثف فيها كل
الصراعات الإقليمية والدولية في الشرق الأوسط. وعامل الوقت هنا سيكون حاسما.
فإذا ما تلكأ الغرب، كما كان يفعل حتى الآن، في موازنة
الانحياز الإيراني- الروسي التام إلى جانب النظام السوري، فإن إيران وحلفاءها
الشيعة اللبنانيين والعراقيين قد يجدون الفرصة مؤاتية للانقاض السريع على حلب.
وعلى رغم أن هذه المدينة الكبيرة، التي كان يقطنها قبل
الحرب 2،5 مليون نسمة والتي كانت تقع في نهاية طريق الحرير الشهير بين آسيا الوسطى
وبين بلاد مابين النهرين، لن تسقط خلال أسبوعين او ثلاثة كما حدث لبلدة القصير،
إلا أن صمود المعارضة فيها في وجه التكنولوجيا الروسية والإيرانية الحديثة التي
يستخدمها النظام السوري وحزب الله (الطائرات من دون طيار، المدافع الموجّهة
بالرادار، القذائف الذكية، الخبرات العسكرية المستقاة من حربي الخليج ولبنان..
ألخ)، سيكون أكثر صعوبة من ذي قبل.
أما إذا ماوصلت المساعدات العسكرية الغربية والخليجية
بالسرعة اللازمة، ستتعرض إيران وحزب الله إلى حرب استنزاف منهكة للغاية، يتوقع أن يدفع
هذا الأخير (الحزب) أثمانها الفادحة بسبب محدودية عديده البشري مقارنة بعديد الجيش
السوري الحر وسنّة البلاد.
وهذا يعني أن مصير حلب، ومعه مصير النفوذ الإيراني في
سورية وباقي أرجاء الهلال الخصيب، بات متعلقاً إلى حد كبير على عامل الزمن، وعلى
سرعة اتخاذ القرارات الحاسمة. والأمر الأخير يتعلّق بالدول الغربية وحدها، لأن
إيران اتخذت قرارها الاستراتيجي في الغوص حتى النهاية في لجج الحرب السورية تحت
الشعار الشهير "ياقاتل يا مقتول".
الأمر منوط بنوع لون الدخان الذي سيخرج اليوم من مداخن
البيت الأبيض، وما إذا كانت سوزان رايس، مستشارة الأمن القومي الجديدة، ستنجح في
إقناع الرئيس أوباما المتردد بأنه مالم يتحرك سريعاً للحد من التقدم الإيراني في
سورية، فإنه سيخاطر بخسارة النفوذ الأميركي ليس فقط في سورية والهلال الخصيب بل
أولاً وأساساً لدى دول الخليج العربية. إذ أن هذه الأخيرة ستكون حينذاك محقة بأن
تشعر بالقلق على وجود أنظمتها من جراء ضعف المظلة الأميركية التي تحميها من النفوذ
الإيراني، وأن تبدأ البحث لدى الدول الكبرى الأخرى عن مظلات أخرى أكثر أمنا.
وفي حال حدوث ذلك، ستكون الصين وروسيا والهند وبقية
منظومة مجموعة العشرين أكثر من مستعدة لملء الفراغ الأميركي المحتمل.
- III -
كل الأنظار إلى حلب.
سعد محيو
They are Only Selling Arms, as Qatar will be Showered before Israeal and WW3 will start with a Bang
ردحذف