بين أيدنا ثلاث دراسات استراتيجية
قيّمة يمكنها أن تسكب الكثير من الضوء على خفايا وأسرار مايجري هذه الأيام في
المنطقة العربية، من تفكك دول كسورية والعراق ولبنان والسودان، إلى انهيار دول
أخرى كمصر وليبيا إلى حد ما تونس، في إطار ماأطلق عليه المفكر جورج قرم في وقت
مبكر "انفجار المشرق العربي".
|
الدراسة الاولى للفرنسي إيمانويل تود،
والثانية نشرت في دورية "فورين أفيرز" والثالثة في موقع "غلوبال
ريسيرش".
|
نبدأ مع الدراسة الأولى:
|
- I -
إيمانويل
تود فيلسوف وعالم الاجتماع والأنثروبولوجيا الفرنسي كان أول من تنبأ بأنهيار الاتحاد السوفييتي في
وقت مبكر من حقبة السبعينات . وهو إستند في ذلك الى معطيات ديموغرافية أهمها ملاحظة التزايد النسبي لوفيات الأطفال في
الاتحاد السوفييتي الأمر الذي دفعه الى
مراكمة سلسلة ملاحظات اخرى حول مناحي الضعف في الأقتصاد والمجتمع السوفيتيين .
في
كتابه الجديد " ما بعد الأمبرطورية : إنهيار النظام الأميركي" (*)
يتقدم تود بنبوءة أخرى لكنها تتعلق هذه المرة بالولايات المتحدة
وبدورها كقوة عظمى وحيدة في العالم
1-
فهو يرى ان الولايات
المتحدة تحولت منذ ثمانينيات القرن العشرين، ثم بالتحديد في الفترة بين 1990 و2000،
من دولة منتجة وصناعية ومكتفية ذاتياً، الى دولة مستهلكة غير منتجة ومعتمدة على
العالم صناعياً ومالياً.
2-
وهو يفسر المحاولات
الاميركية لأقامة إمبراطورية عسكرية وسياسية على أنها دليل ضعف لا قوة . إنحدار لا
صعود . فأميركا تحاول عبر سلسلة الحروب التي تشنها ضد الأطراف الضعيفة في العالم (
أفغانستان العراق تنظيم " القاعدة " ) إرهاب القوى
الكبرى الرئيسة في العالم ( أوروبا اليابان روسيا الصين ) والأثبات لها بأنه لا غنى عن دورها للحفاظ على
أمن النظام الأقتصادي
العالمي .
3-
وهو يقول أن أميركا
لن تنجح في النهاية في إقامة هذه الأمبراطورية لأنها تفتقد الى اهم عناصر بناء
الأمبرطوريات: القدرات المالية والأقتصادية الكافية لتمويل التوسع الأميراطوري ؛
الأيديولوجيا العالمية القادرة على إستيعاب كل دول العالم الأخرى بوصفها قوى متساوية الحقوق كما فعلت الأمبراطورية الرومانية ؛ وأخيراً
العجز عن إرضاء القوى الكبرى الأخرى.
وتبعاً لذلك يتوقع تود إنهيار النظام العالمي الاميركي عبر
أحد طريقين : إنفصال محور فرنسا- المانيا واليابان وروسيا ( أي القوى الرئيسة في
قارة أوراسيا ) عن الزعامة الأميركية وتشكيل تحالف مستقل ضدها . أو كساد كبير في
البورصة المالية الاميركية سيكون أضخم بكثير من إنهيار العام 1929 .
هل تنبؤات هذا الفيلسوف في محلها هذه
المرة ؟.
سنأتي الى ها السؤال بعد قليل . لكن قبل
ذلك فلنستعرض معاً الأفكار الرئيسة في
فصول هذا الكتاب المهم .
- II -
في المقدمة يسارع المؤلف الى الاعلان بأن الولايات المتحدة
التي كانت تعتبر حلالة المشاكل خلال سنوات طويلة باتت الان هي المشكلة بالنسبة لباقي العالم. إذ
بعد أن كانت الضامن للحرية السياسية والنظام الأقتصادي لمدة نصف قرن يبدو الأن أكثر فأكثر أنها تساهم في خلق الفوضى
العالمية عبر الحفاظ حيثما إستطاعت على الشكوك والنزاعات.
فهي تواجه دولاً صغيرة كأيران والعراق
وكوريا لا تشكل خطراً عليها. وهي تستفز روسيا في الشيشان وجورجيا وأوكرانيا وتقيم قواعد عسكرية لمحاصرتها في آسيا الوسطى.
هذا في حين يهدد البنتاغون بإستخدام الأسلحة النووية التكتيكية لفرض الأرادة
الاميركية على الجميع . بإختصار، أميركا تمارس سياسة " الرجل المجنون "
لأرهاب الجميع .
الاوروبيون لا يفهمون أسباب رفض أميركا
حل النزاع الفلسطيني – الأسرائيلي برغم
مقدرتها التامة على ذلك . وهم بدأوا يتساءلون ما إذا كانت واشنطن تتعمد إبقاء بؤرة
توتر دائمة في الشرق الاوسط ودفع العالم
الأسلامي لمعاداة الغرب . وهم يرون في تضخيم حجم تنظيم " القاعدة " مجرد تبرير لشن العمليات في أي مكان في العالم .
إن رفع الأرهاب الى درجة القوة العالمية يبرر مأسسة حالة حرب دائمة في كل أنحاء الكرة
الأرضية . حرب عالمية رابعة وفق بعض
المحللين الأميركيين . كل شيء يدل على أن الولايات المتحدة ولسبب غامض تعمل للحفاظ على درجة من التوتر الدولي : حالة
حرب محدودة ولكن دائمة .
- III
-
أين يتركنا كل ذلك في المنطقة العربية -
الإسلامية ؟.
(غدا نتابع)
سعد محيو
(*) Emamnuel
Todd. After The Empire: The Break Down of The Amercican Empire.Columbia
Unibersity Press.NewYork.)
It is us not them as we have lost our, History, Faith and Confidence
ردحذفThanks to topic
ردحذف