للاشتراك في المدّونة، لطفاً ضع عنوانك الالكتروني هنا

الاثنين، 3 يونيو 2013

حزب الله في حلب، ستعني حرباً في بيروت


- I -
هل كان زعيم حزب الله السيد حسن نصرالله "يمزح" حين دعا الأطراف اللبنانية المتنازعة إلى "القتال في ما بينها على الأرض السورية"؟ 
تشييع مقاتل لحزب الله سقط في القصير(الصورة من غوغل
.
لايبدو الأمر كذلك. ليس الآن على الأقل، بعد أن تكشَّف المدى الضخم لانغماس حزب الله بكليته في الحرب السورية.
حتى قبل أسابيع قليلة كان العديد من المحللين، ونحن منهم، يعتقدون أن ثمة تبريراً عسكرياً- استراتيجياً لقيام حزب الله بزج آلاف من مقاتليه في معركة القصير. فهذه المنطقة تعتبر شرياناً لوجستياً حيوياً له، وعمقاً استراتيجيا لمواقعه وقواعده في البقاع الشمالي وصولاً إلى الجنوب.
بيد أن إرسال الحزب ألفين من مقاتليه إلى مدينة حلب، أثبت أن هذا الاعتقاد مخطيء من ألفه إلى الياء. فالحزب لم يعد يقاتل من أجل نفسه أو لتحصين مواقعه، بل بات جزءاً لايتجزأ من حرب النظام السوري ضد المعارضة بكل ألوانها وأطيافها الإسلامية المعتدلة والمتشددة، والعلمانية والوطنية. بات فصيلاً في الجيش السوري النظامي، وانفصل نهائياً عن دوره كمقاوم لأسرائيل وكمدافع عن المصلحة الوطنية اللبنانية، كما كان يُعلن.
"حملة حلب" أسقطت أيضاً وهماً نجح الحزب في إقناع قواعده الشعبية به، وهو أنه يقاتل "التكفيريين" (بعد ان وضع 120 ألف مقاتل سوري معارض في هذه الخانة) داخل الأراضي السورية، كحرب وقائية لمنعهم من الهجوم لاحقاً على شيعة لبنان. "ذهبنا إليهم، كي لايأتوا إلينا".
هذا ماقاله الحزب لمناصريه.
لكن هذا المنطق يثبت الآن أنه لامنطق. إذ لو كان صحيحاً، لتعيّن على قوات الحزب أن تذهب أيضاً إلى الإسرائيليين داخل فلسطين المحتلة، لأن هؤلاء سيأتون بالفعل إلى لبنان إن عاجلاً أو آجلاً، أو حتى إلى الولايات المتحدة التي تشن حرباً شعواء على الحزب في كل أنحاء العالم.
- II -
الألفا مقاتل الذين توجهوا إلى حلب لـ"قلب المعادلات فيها"، كما قال أحد قادة حزب الله العسكريين، لن يوصفوا بما وُصف به زملاؤهم في القصير، أي على أنهم مقاتلون من حزب الله (أو حتى "حزب الشيطان" كما تنعته الآن فصائل المعارضة السورية)، بل سيُقال الآن أنهم غزاة شيعة مسلحون جاءوا لمهاجمة واحدة من أعرق المدن السنّية في التاريخ. وهذا سيفتح جرحاً سنياً- شيعياً عمره 1300 سنة ونيف، ليس فقط في سورية بل في كل المنطقة العربية.
تداعيات هذا الحدث بدأت بالفعل. فدول الخليج تتأهب لمعاقبة كل عامل أو موظف عربي شيعي يعمل لديها وتشتم (مجرد اشتمام) أنه  يميل إلى حزب الله.  وهيئة علماء المسلمين في لبنان أصدرت أمس فتوى تنضح بالخوف الوجودي "على الدم والعرض" من جراء "الهجمة الصفوية على سورية"، وتنذر السنّة الذي يتخلفون عن نصرة أخوتهم فيها بـ"غضب الله" . ومحاولة اغتيال الشيخ ماهر حمود في صيدا صباح اليوم تُنذر بأن ستكون بداية لانهاية لمسلسل تفجيرات واغتيالات جديدة. والحبل لايزال على الجرار.
لكن الأهم هم ماسيجري في لبنان.
فتطور حلب، إضافة إلى ماتردد عن إرسال مقاتلين من الحزب إلى دمشق وريفها، يعني عملياً أن حزب الله زج لبنان كله في أتون الحرب السورية وانقضى الأمر. و"رغبة" نصر الله في أن يتم التقاتل بين اللبنانيين على الأرض السورية بدل الأرض اللبنانية، لن تلق آذاناً صاغية من أحد، لا من معارضيه اللبنانيين ولا بالتأكيد من المعارضة السورية التي هددت مراراً (وآخرها أمس) بنقل الحرب إلى معاقل حزب الله في لبنان.
الخطر في هذا الموضوع أن الحزب كان يتوقع على الأرجح هذا التطور ويعد العدة له من فترة غير قصيرة، أي حتى قبل زج عديده وعتاده في الحرب السورية. فحالة الاستنفار على أقصاها في الضاحية الجنوبية، كما في بعض مناطق الجنوب والبقاع. والتقرير الاستخباري الذي نشرته صحيفة الأخبار قبل أيام  واتهمت فيه "الأصولية الدزرية" (بزعامة أكرم شهيب على الأرجح)  بالوقوف وراء قصف الضاحية بصواريخ غراد، وجد ترجمته الفعلية في ما تردد عن أن الحزب أرسل وحدات استطلاع إلى منطقة عيتات- عاليه لـ"تحصين" الضاحية الجنوبية من أي هجوم صاروخي آخر". فهل يكون هذا "الاستطلاع" تمهيداً لاجتياح لاحق للمنطقة الدرزية، التي تشكّل مساحة عازلة بين الجنوب والضاحية وبين البقاع وصولاً إلى مثلث القصير وحمص وطرطوس؟
- III -
بكلمات أوضح: يبدو أن حزب الله كان يتوقع وهو يضع خطط التدخل في سورية، أن يؤدي ذلك إلى اندلاع حرب أهلية، أو شبه أهلية، في لبنان، وأنه مستعد بالفعل لها.
بقي أن نعلم ما إذا كان الحزب سيتحرك في إطار دفاعي في مثل هذه الحرب الجديدة المحتملة، أم أنه سينتقل إلى الهجوم ليغيّر المعادلات العسكرية والسياسية الراهنة في لبنان، تماماً كما يحاول أن يفعل الآن في سورية بالاشتراك مع النظامين الإيراني والسوري.
فللنتظر لنر.
 لكن الأرجح أن انتظارنا لن يطول!

سعد محيو

هناك تعليق واحد: